الثقافي

"معتقل قصر الطير حالة جريمة حرب تتطلب الاعتراف بها"

في محاضرة ألقاها الأستاذ الجامعي الصالح بن محمد بسطيف

 

اعتبر الأستاذ الجامعي الصالح بن محمد، خلال لقاء دراسي، أول أمس، بسطيف أن معتقل قصر الطير بجنوب ذات الولاية يعتبر جريمة حرب مارسها الاستعمار الفرنسي بوحشية في حق المعتقلين الجزائريين خلال الثورة التحريرية وتتطلب الاعتراف بها. وأوضح المتدخل في محاضرة قدمها تحت عنوان "حياة المعتقلين إبان الثورة التحريرية" بدار الثقافة "هواري بومدين" بوسط المدينة بمناسبة الاحتفال بالذكرى 150 لتأسيس الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر أن معتقل قصر الطير يحتل مكانة ضمن المعتقلات التي أحدثها المستعمر الفرنسي في الجزائر. وذكر أن المعتقل يعد أحد أكبر السجون التي شيدتها القيادة العسكرية الفرنسية خلال الحقبة الاستعمارية بالجزائر ليكون مركزا خاصا تمارس فيه كل أساليب وأشكال التعذيب كالتطويع والترويض والأعمال الشاقة وغسل المخ. وأشار المحاضر إلى أن هناك ظروفا كثيرة مرت على المعتقلين الجزائريين في معتقل "قصر الطير" لم يتم الكشف عنها بعد ولم تنل حقها من البحث في شهادات ممن عايشوا تلك الأحداث والمآسي والمعاناة التي مارسها الاستعمار الفرنسي في حقهم داخل هذا المعتقل الذي كان يسمى آنذاك "معتقل الموت"، كما اضاف في نفس السياق أن العديد من الشهادات قد قام بجمعها لدى من عايشوا وعانوا داخل معتقل "قصر الطير" منهم من لا يزال على قيد الحياة من منطقة برج بوعريريج وذلك في كتاب بعنوان "التعذيب الفرنسي داخل معتقل قصر الطير" معتبرا أن هذه الشهادات محدودة لكون ما عانه المعتقلون آنذاك يصعب على الإنسان وصفه أو التحدث عنه لأن الأعمال التي مارسها الاستعمار في حق هؤلاء يندى لها الجبين بل إنها"جرائم حرب يجب الاعتراف بها". فقد كان المساجين داخل المعتقل "يجبرون على حفر التراب وعجنه بالأقدام الحافية ثم قولبته ونقله على الأكتاف داخل المركز" ثم "يجبرون على كسرها وإعادتها ترابا كما كانت من قبل ليعجن من جديد وليستمر العمل لمدة 6 أعوام كاملة". كما كان المساجين يضربون بالسياط والعصي من طرف القوات الفرنسية ويقادون في منتصف الليل حفاة عراة إلى الوادي المجاور للسجن حيث يلقى بهم وهم مشحونون بالزجاج المهمش والحشرات والزواحف خاصة في فصل الشتاء، حيث يكون الماء متجمدا. كما كان هذا المعتقل مركزا مختصا في غسل مخ المساجين من خلال إرغامهم على الاعتراف بالمنجزات الفرنسية في الجزائر من خلال سؤالهم إن كان الشعب الجزائري يستطيع أن يعيش دون فرنسا وإن كانت فرنسا سبب نشر الحضارة في إفريقيا. ولم يكن سجن "قصر الطير" يقتصر آنذاك على أبناء المنطقة فقط بل يرسل إليه من كل المعتقلات والسجون الفرنسية بالجزائر حيث مر به الآلاف من المجاهدين والمسبلين والفدائيين والمدنيين من أبناء الشعب الجزائري منذ إنشائه وإلى غاية سنة 1961. ونظرا للعدد الهائل من المساجين الذين قدروا بـ 3 آلاف شخص فقد أحيط هذا المركز آنذاك بثلاثة حواجز منها الأسلاك الشائكة عرضها 6 أمتار ملغمة ومزروعة بأجهزة الأضواء الكاشفة وخط إنارة محيط بكل المعتقل بالإضافة إلى سياج من الأسلاك غير الشائكة توجد بداخلها الكلاب البوليسية. وبعد الاستقلال وبالضبط في سنة 1973 استبدلت تسمية "قصر الطير" بـ"قصر الأبطال" تخليدا للبطولات النادرة والتضحيات التي قدمها الشعب الجزائري بهذه المنطقة.

أحلام.ع/واج 

من نفس القسم الثقافي