الثقافي

عندما تكون الابتسامة منعرج حياة

الفيلم الأردني "لما ضحكت الموناليزا"

 

استمتع جمهور قاعة السينماتيك مساء أول أمس من عرض الفيلم الأردني "لما ضحكت الموناليزا" للمخرج فادي حداد، والذي يدخل في اطار الطبعة الثالثة من أيام الفيلم الأردني في الجزائر.

الموناليزا حبكة اجتماعية 

فيلم فادي حداد "لما ضحكت موناليزا" يحكي قصة حب بين "موناليزا الأردنية" والمصري "حمدي" وتجري أحداثها في عمان في الزمن الحاضر ضمن مجموعة جيران فضوليين بالإضافة الى شخوص اخرى غريبة الأطوار، كما يلقي الفيلم الضوء على التعصب الاجتماعي فيما يتعلق بالهجرة وذلك عبر عدسة رومانسية. لا يشيد فيلم "لما ضحكت موناليزا" بالأفلام المصرية القديمة وحسب عبر سلسلة من المشاهد التي تظهر بالأبيض والأسود، بل ويجمع مواهب كلا من جيلي الممثلين الاردنيين الجديد والقديم معا.

 

عقدة الابتسامة 

اللقطة الأولى لوحة طبيعة صامتة، نباتات خضراء تتخللها ورود، ثم تهبط ستارة رمادية فوقها فتختفي ألوان الطبيعة. لسنا في مسرح، بل في محل تصوير، وأمام تلك الخلفية الرمادية ستظهر فتاة محجبة وهي تواجه كاميرا المصور الأرمني وهو يسألها أن تبتسم حتى يأخذ لها الصورة، لكنها لن تستجيب، لا بل إنها لن تحاول حتى رسم ابتسامة على وجهها.

«موناليزا» اسمٌ غريب بالنسبة لفتاة أردنية، سنعرف أن أباها اختاره لها انتقامًا من زوجته التي كرهت صورة الموناليزا التي ظنّتها لواحدة من عشيقاته. تموت الأم خلال الولادة وتبقى الابنة في رعاية أختها الكبرى، ولكن أيضًا رهينة لخوفها المرضي. فعفاف التي سُلب منها «أعز ما تملكه المرأة» ستلزم بيتها عشرين عامًا، وسترفض مجرّد فكرة ارتباط أختها برجل. تظلّ موناليزا، خلال 37 عامًا، منطويةً، متجهّمةً، معقّدة، خائفةً، لكن كل شيء سيتغيّر حين تجد عملاً في دائرة حكومية. هناك حيث تتعرّف على حمدي، الشاب المصري خفيف الظلّ الذي يشبه إلى حدّ كبير فارس أحلامها المستلهم من نجوم سينما أفلام الأبيض والأسود المصري. 

علاقة موناليزا، هي نقطة انعطافها الدرامي، لكن ونحن نتعقب موناليزا وتغيراتها، سنمضي مع ملامح المجتمع الأردني المعاصر ومشكلات علاقاته الاجتماعية، بينما ستكون موناليزا ومن حولها من شخصيات من سكان الماضي الملاذ الوحيد المتوفر في مواجهة الحاضر، فموناليزا تحاكي الأفلام المصرية القديمة، بينما عفاف التي لم تغادر البيت منذ أكثر من 20 سنة متوقف لديها الزمن عند يوم زفافها الذي لم يتم، وكذلك الأمر مع جارتها ردينة التي تنتظر زوجها الذي خطف في العراق والأغلب أنه مات، وكل ذلك تحت جناح الظرافة.

 

بين الكوميديا والواقع 

مع حكاية موناليزا تسير حكايات موازية أخرى، لنايفة المرأة القاسية التي تدمّرها خيانة الزوج، عصفور الطفل الأبكم الذي يحب ابنة الجيران، شقيقة سهيل التي تغسل ملابس زوجها الغائب وتوضّب أغراضه وتنتظر عودته منذ سبع سنوات، بينما يعتقد الجيران أنها تستقبل رجالاً في بيتها. أيّة فكرة أجمل وأبلغ لإدانة الأفكار النمطية والأحكام الجاهزة؟

إن شاهدتَ فيلم «لما ضحكت موناليزا»، فستخرج حتمًا من قاعة السينما مبتسمًا، ليس فقط لأن فيلم المخرج الأردني الشاب فادي حدّاد أمسك بالخيط الرفيع بين الكوميديا والواقع الدرامي، بل لأنّه يوجّه دعوةً إلى الابتسامة في مجتمع تُعتبر فيه البسمة عملة نادرة.

فيصل . ش 

 

من نفس القسم الثقافي