الثقافي

زخم ثقافي ومهرجانات ناجحة على حساب تراجع اخرى

2013 رحيل العديد من العمالقة وسنة الثقافة بامتياز

 

هاهي تمر سنة كاملة بأحزانها، بأفراحها، بحلوها وبمرها، سنة ثقافية بمختلف فعالياتها مهرجاناتها وصالوناتها الادبية، فضائحها المجوية، أحزانها مع رحيل عمالقة الادب والثقافة والفن. سنة تميزت بنشاط ثقافي كبير وزخم في الاحداث اختصرناها عبر العديد من المحطات التي ميزت الساحة في الجزائر طيلة سنة 2013. 

 

مهرجان الجزائر الأول للسينما المغاربية

نجاح كبير والفن يصلح ما أفسدته السياسة 

نجحت الجزائر في احتضان المهرجان الأول للسينما المغاربية في الفترة الممتدة من 3 إلى 8 نوفمبر الجاري والتي عرفت مشاركة مغاربية كبيرة بلغ عددها 35 فيلما في كل الأصناف. وشهدت الدورة الأولى إقبالا كبيرا من طرف الجمهور والمهتمين بالسينما. وأعطى حضور وزير الخارجية رمضان لعمامرة في حفل الافتتاح والكلمة التي القاها ونوه بهذا المهرجان والذي من شأنه أن يكون لبنة أساسية في سبيل بناء اتحاد مغاربي قوي من بوابة السينما. هذا الحدث السينمائي جمع بين مختلف الفنانين من مختلف اختصاصاتهم والذين قدموا من كامل أنحاء المغرب العربي، كما كان هذا المهرجان فرصة سكان العاصمة للقاء نجوم السينما المغاربية. وقد حضر فعاليات هذه الدورة حوالي 300 ضيفا رسميا، ينتمون إلى خمس دولة مغاربية. كما تابع أشغال هذه الدورة عدد كبير من الاعلاميين الجزائريين والمغاربيين على حد سواء حيث تم تغطية الحدث الذي اعتبرته مختلف وسائل الاعلام سواء السمعية البصرية أو المكتوبة، بالمهم نظرا للقيمة الفنية التي يحملها ومستوى الأفلام المشاركة ولجان التحكيم. 

 

 

السينما الجزائرية تعاني؟

لسنا بحاجة إلى كثير أدلّة لنستنتج أن السينما الجزائرية تعيش أزمة حقيقيّة. أزمة تتعلّق –أساسًا- بالمستوى والمضمون الفنّيين. لكن، قد يكون مهرجان الجزائر للسينما المغاربية دليلاً إضافيًّا يؤكّد تلك الحقيقة. على مستوى التلقّي، استقبل الجمهور الأفلام المغربية والتونسية بحرارة كبيرة، بينما استقبل الأفلام الجزائرية ببرودة. أمّا على مستوى التتويج، فالجزائر لم تأخذ شيئًا يُذكر من الجوائز، باستثناء جائزة أحسن ممثّل التي عادت لخالد بن عيسى عن دوره في فيلم «التائب». حصد المغرب الجوائز الكبرى للمهرجان في الأنواع الثلاث (الأفلام الروائية الطويلة، الروائية القصيرة، الوثائقية)، بينما خرجت الجزائر «تصفّر». حين تُمنح الجوائز على أسس فنية بحتة، بعيدًا عن منطق «الصوصيال» والتوزيع الجغرافي، كما جرت العادة في مهرجان وهران للفيلم العربي، تكون هذه هي النتيجة المنطقية والمتوقّعة، بل والمطلوبة. و من الواضح أن في تونس، وفي المغرب بشكل أخصّ، سينما جديدة. سينما جريئة وصادمة تطرح مواضيع حديثة بأساليب فنّية مبتكرة ومتحرّرة (زيرو نموذجًا)، في حين تجترّ أفلامنا المواضيع القديمة بأساليب بالية ومثيرة للسخرية أحيانًا (حرّاقة بلوز نموذجًا)، وفي الغالب تجنح لتسويق الكليشيهات، بعيدًا عن الواقع الجزائري الذي يبدو كثيرٌ من مخرجينا منفصلين عنه. السينما الجديدة لا يُمكن أن يقدّمها إلاّ جيل جديد. رأينا مخرجين شباب من تونس والمغرب بعضهم شارك بتجربته الاخراجية الأولى، ورأينا مخرجين مسنّين من الجزائر (موسى حدّاد، مرزاق علواش، سعيد ولد خليفة، شريف عقون). بعض هؤلاء قدّموا أفلامًا فارقة في تاريخ السينما الجزائرية، وليتهم لم يخوضوا تجاربهم الجديدة المسيئة لتاريخهم. يبرّر المخرجون الجزائريون إخفاقاتهم عادة بالميزانية، لكن الحقيقة أن ميزانية الأفلام السينمائية القادمة من دول الجوار لا تمثّل شيئا أمام الميزانيات التي تحظى بها الأفلام الجزائرية الممولّة طبعًا من وزارة الثقافة. وهذا يدحض تلك التبريرات. المبرّر الوحيد أن الفن السابع –ككل المجالات الثقافية وغير الثقافية- لم يعد يخضع سوى لحسابات الريع بعيدًا عن سؤال المضمون. نسمع الكثير من الأرقام عن عدد الأفلام التي تُنتج بهذه المناسبة أو تلك، لكن لا أحد كلّف نفسه عناء الحديث عن مستوى تلك الأفلام.

 

 

19 فيلما ملتزما متعدد الإشكالات على شاشة واحدة بالجزائر

 

كان مهرجان الجزائر للسينما، المخصص للفيلم الملتزم، على مدار ثمانية أيام متتالية، من 19 إلى 26 ديسمبر 2013، قبلة جمهور الفن السابع، الذي وجد في الباقة المختارة له، نافذة واسعة للاطلاع على آخر ما أنتجته السينما العالمية و الجزائرية أيضا. شاشة واحدة بقاعة الموقار، شكلت للجمهور الواسع، وجهات سفر متعددة، لاكتشاف حكايات صغيرة و أخرى كبيرة لقضايا إنسانية مختلفة الإشكاليات. 19 فيلما عرض في إطار مهرجان الجزائر للسينما إذن، تظاهرة كرست للفيلم الملتزم، كموضوع يجلب إليه الكثير من المثقفين و المفكرين و رجال الفن، الذين يبحثون عن سبل التعبير الحر عن قضاياهم. تسعة أفلام طويلة خيالية، و 11 فيلما وثائقيا، حرصت محافظة المهرجان على عرضهم بقاعة الموقار، على مدار أيام الأسبوع، احتراما لبرنامج سطر ليليق بعشاق السينما، بما فيهم الأساتذة و الطلبة، الذين كانوا سببا في تنظيم المهرجان في هذه الفترة الزمنية بالذات، للتوافق مع عطلتهم الشتوية، و لتسمح لهم، بحضور أكبر قدر من العروض.


فيصل شيباني 


من نفس القسم الثقافي