الثقافي
الفيلم البريطاني “روح 45″ يبرز موقفه السياسي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 ديسمبر 2013
عبر المخرج كان لوش عن رؤيته لتاريخ بلاده ومستقبلها بعد الروح الصناعية والنهضة الاقتصادية التي سادت بريطانيا عقب الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية، ومباشرة الحكومة إعادة بناء ما دمرته الحرب والقضاء على مخلفاتها، مدينا في ذات السياق سياسة مارغريت تاتشر رئيسة مجلس الوزراء التي قضت على روح 1945.
الفيلم يحاكي وقائع تاريخية بعد الحرب العالمية الثانية أين كانت بريطانيا تواجه تحديات مختلفة منها ما وقع لها من دمار شمل البنية الأساسية على مستوى مؤسسات الدولة أو ممتلكات الأفراد، بالإضافة إلى تحقيق أحلام ملايين المواطنين الذين دفعوا ثمنا باهظا وتحملوا لسنوات طويلة، مخاطر العيش تحت القصف بما يشمل ذلك من تقشف وعيش في الفقر، وصولا إلى مواجهة مخاطر الثورة الاجتماعية المصاحبة لصعود الأفكار الاشتراكية مع الأداء المثير للإعجاب الذي حققه الاتحاد السوفيتي في الحرب ضد النازية والانتصار عليها وإسقاطها.
سعى المخرج البريطاني كان لوش إلى تقديم قراءة في الوثائق السينمائية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 إلى غاية اليوم، مرورا بحقبة مارغريت تاتشر التي ميزها الميول الصريح لتغليب مصلحة المستثمرين الرأسماليين من طبقة رجال الأعمال على مصالح الطبقات الفقيرة، وبالتالي أدت سياساتها خلال الثمانينيات إلى القضاء على معظم منجزات حزب العمال البريطاني في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي أعلت من دور الدولة في توجيه الاقتصاد، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين بدءا من السكن، العلاج، التعليم، ضمان حقوق العمال، دعم النقابات، من خلال تأميم بنك إنكلترا إلى تأميم شركات القطارات والبريد والكهرباء والمياه والمناجم والبترول، وإنشاء المدارس والمستشفيات والمدارس الحكومية.
يعتمد فيلم “روح 45″ على أسلوب التقرير التليفزيوني الذي يعرض لك وجهات النظر المختلفة، المجسدة في شهادات معاصرة لشخصيات سياسية ومؤرخين وخبراء وموظفين صغار وكبار وشخصيات عادية مثل الممرضات والأطباء وعمال المناجم والقطارات، فمنهم من يفضل دولة الخدمات في مواجهة دولة الاستهلاك، أو دولة الرفاهية للمواطنين، أمام دولة الاستغلال، مدعما وقائع فيلمه بالعديد من الوثائق التاريخية التي خلفتها الحركة الاقتصادية التي سادت مطلع 1945.
انحصرت رؤية لوش الجمالية أثناء تصويره لأحداث فيلمه الوثائقي “روح 45″ من خلال الاعتماد على سينما الأبيض والأسود ، لكون أرشيف تلك المرحلة التاريخية يملي على المخرج ذلك، أين تم تصوير شهادات المعاصرين بالأبيض والأسود أيضاً، كما يستخدم التعليق الصوتي وكتابة العناوين والشروح على الشاشة، لتقريب المفاهيم من جمهور المتلقين.