الثقافي

الفيلم الطويل“معركة تاباتو” لـجواو فيانا بين شبح ذكريات الماضي والتطلع إلى المستقبل

“غينيا بيساو”، بلد تعرض للاستعمار البرتغالي، مثل باقي بلدان القارة السمراء التي قبعت تحت رحمة الاحتلال الفرنسي والإنجليزي والإسباني لسنوات طويلة، وافتك حريته بعد نضال طويل، سنة 1974. وفي فيلم “معركة تباتو” يعود المخرج جواو فيانا، لمعالجة تاريخ هذا البلد وحركة مجتمعه وسط ملاحقة شبح ذكريات الحرب التي تطارده.

” معركة تباتو” فيلم سينمائي، روائي، من إنتاج مشترك بين البرتغال وغينيا بيساو، تم عرضه، سهرة، الثلاثاء، بقاعة الموقار، بالعاصمة، ضمن مسابقة الأفلام الطويلة، في فعاليات الطبعة الرابعة لمهرجان الفيلم الملتزم، حيث يقدم فيه جواو فيانا المولود بأنغولا لأبوين برتغاليين، طرحا جديدا حول حياة اجتماعية لفئة مسلمة من غينيا بساو تعيش في منطقة “تاباتو”، من حيث معالجة مضمون وشكل القصة التي لا تعدو كونها حكاية تاريخ فقط بل لها أبعاد أخرى، كانت محلّ اهتمام ومتابعة للمخرج وكاتب سيناريو العمل . من خلال الآثار السلبية النفسية التي لاحقت بعض الجنود الأحياء السابقين لغينيا بيساو المستعمرة البرتغالية قبل سنة 1974، حيث أصبحت أشباحا ووساوس تهدد كل من يريد العودة إلى الماضي وتذكر الحرب سيما إذا وطأت قدماه الأرض التي أحرقت عليها جثث هائلة، فإنّ هذا المشهد وهذه الصورة حتما ستزيد من المعاناة لا محالة. لكن بالمقابل يشير الفيلم إلى أنّ الحياة مستمرة وأنّ الأفراد اليوم يريدون العيش في سلام، بعد مرور أزيد من ربع قرن، يريدون الزواج، عزف الموسيقى، أو بالأحرى حياة جديدة بعيدا عن خيال أصوات القنابل والرصاص ودوي المدافع.

جسدت أحداث الفيلم في زمن قدره “83″ دقيقة، قصة الرجل “بايو” الذي قبل العودة إلى غينيا بيساو بعد ثلاثين عاما من المنفى، بطلب من ابنته “فاتو” التي ألحّت عليه بأن يرافقها يوم زواجها من المغني المشهور محليا، “إدريسا”، حيث يقام حفل الزفاف بقرية “تاباتو” التي تعرف بقرية المشايخ، إلا أنّ الوالد “بايو” بمجرد لحظة وصوله يسترجع ذكريات حرب التحرير، وليتخلص منها قرر خوض آخر معركة بـ”تاباتو”، حيث سافر إليها رفقة ابنته لتزويجها من “إدريسا” وفي الطريق يقع له حادث مرور وتموت “فاتو”. هنا يجتمع رجال القبيلة بقيادة حكيم القرية الذي يساند معاناة “بايو” الرجل الذي تطارده الذكريات المؤلمة. فبشكل رئيسي المخرج يصور قصة لم شمل العائلة باللونين الأبيض والأسود، وحضارة وإرث “الباندينغو” التي تعرضت للاغتصاب من قبل الغرب، بينما غاص من جهة أخرى في سرد ووصف طرق قديمة وتقاليد” غريو، griot”، التي تعبر عن الحكم الإفريقية. وفي خضم هذا الوضع المعقد تضيع أحاسيس رومانسية لأفراد المجتمع في أعماق صدمة التاريخ، إلا أنّ استمرار الحياة يجعل “بايو” وكثيرون مثله، تعرضوا لصدمة، يستعيدون أمل العيش مثل جيل اليوم ينعمون بالسلام والحرية.

 

 

 

 

 

 

 

 

من نفس القسم الثقافي