الثقافي
عرض مجموعة من الأفلام بين الطويل والوثائقي
تواصل مهرجان الجزائر الدولي للسينما
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 24 ديسمبر 2013
“لا” ، “على طريق المدرسة” ، ”فلسطين ستيريو”، أفلام وبرغم اختلاف موضوعاتها وأحداثها وطريقة معالجتها، ورغم اختلاف زمانها ومكانها إلا انها تحمل بين طياتها رسالة واحدة هي الالتزام سواء في الحرية أو الوطن أو طلب العلم. ثلاثة افلام رائعة كانت العنوان الكبير لليوم الخامس من مهرجان الجزائر الدولي للسينما الذي تحتضنه قاعة الموقار لغاية الـ26 من الشهر الجاري.
فيلم “لا” لا لمصادرة صوت الحرية
عمد المخرج بابلو لارين إلى تقديم واحدة من أهم الأحداث التاريخية التي عرفتها الشيلي مطلع 1988. وصور كيف تستخدم وسائل الإعلام وتصميم الإعلانات للتأثير على الرأي العام في إطار حملات سياسية معارضة لصالح الشعب وتحرير وطنهم من الظلم والدكتاتورية التي أوجدها الجنرال بينوشيه بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح به حكم الرئيس المنتخب “سلفادور ألليندي في سبتمبر 1973.
تدور وقائع فيلم “no” أو (لا) باللغة العربية، حول البطل ”رينيه سانديرا” الذي اختاره أنصار معارضي بينتوشيه للإشراف على تصميم الإعلان الخاص بحملة “لا”، وباعتباره خبير إعلانات تنفيذي وكفاءته يشهد عليها “لوشو خوزمان” صاحب شركة للإعلانات التجارية المعروفة في الشيلي.
بعد اقتناع رينيه برأي انصار “لا”، قرر تصميم اعلان يختلف عن ما تعود الساسة والمعارضة بثه تقليديا على الناس، وفكر في إعلان يمزج فيه الغناء والرقص المعبر والوثائق المستقاة من الماضي، وتصريحات المواطنين، فضلا عن كلمات رئيس الحزب الديمقراطي المعارض، للتأسيس لرسالة قوية ومؤثرة.
تتواصل متاعب المعارضة عند وصول الشريط لمحطة البث، أين يتم التلاعب به وتزويره، وهو ما شجع رينيه على إضافة مادة جديدة مستغلا تدخل الرقابة لصالح الإعلان. تتأزم أحداث الفيلم بعد عرض المدير لوشو خوزمان عليه صفقة مقابل الانحياز إلى إعلان “نعم”، لأن إعلان الحكومة غير مقنع، إلا أن رينيه ازداد إصرارا على الاستمرار من اجل تطوير منتجه لكسب المزيد من المؤيدين لحملة “لا”. ما كلفه مضايقات وتهديدات طالت عائلته، بهدف ثنيه عن مواصلة دربه.
فشل مصمم الإعلانات الشاب في مهمته بادئ الأمر، واحبطت معنوياته عقب إعلان وزير الداخلية النتائج المؤيدة لبقاء الجنرال بينوشيه في سدة الحكم، بعد التزوير طبعا. لولا تصريحات أحد قادة الجيش كشفت التلاعب في النتائج المعلن عنها، ما شكل ورقة ضغط عجلت في إسقاط النظام الدكتاتوري عبر التصويت بـ “لا”.
اختار المخرج في تصوير فيلمه أسلوبا ثوريا لكي يمزج بسلاسة مشاهد الحملات الانتخابية مع مشاهد المقالات والتغطيات الصحفية المستقاة من أرشيف تلك الفترة التاريخية. ما أضفى لمسات فنية وأخرى شاعرية جسدتها المقاطع الموسيقية، الممزوجة بالدراما الاجتماعية المقتبسة من مسرحية “الاستفتاء” لأنطونيو سكارميتا، وهو ما مكن المخرج بابلو لارين من تخطي حدود الدراما الاجتماعية إلى نظيرتها السياسية، من خلال التقاطه لمجريات حدث تاريخي مدعم بقصص اجتماعية ومواعظ فكرية عبر تفعيل آليات الصناعة الإعلانية والإعلامية لتغيير مجريات الأحداث التاريخية، والوقوف في وجه الطغيان. ف.ش