الثقافي

"أوساط ترفض أن تخرج أفلام ملتزمة إلى العلن"

دونيس فريسال ولام لي في ندوة مناقشة أفلامهما

 

جلس المخرجان دونيس فريسال، ولام لي، صبيحة أول أمس بقاعة الموقار، على طاولة واحدة لمناقشة فيلميهما ”ما وراء الجدار، ثائرو الصحراء الغربية” و“ليل هندو صيني طويل” على التوالي. وتحدثا عن الصعوبة التي تكتنف انجاز مثل هذه الأعمال الملتزمة بقضايا راهنة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالترويج لها في أوساط ترفض أن تخرج إلى العلن مثل هذه الأعمال المنددة بإقصاء الإنسان حيثما حل وارتحل.

واعترف بداية، دونيس فريسال، بالعراقيل التي يواجهها هو وأقرانه الذين كرسوا مسارهم السينمائي إلى أعمال ملتزمة، سواء كانت خيالية أو وثائقية، أن يجدوا متسعا لترويج أعمالهم، وعرضهم أمام اكبر عدد من الجمهور. وهو ما حدث مع فيلمه التسجيلي “ما وراء الجدار، ثائرو الصحراء الغربية” (49 د)، الذي عرض في ثالث يوم من أيام الفيلم الملتزم. يقول فريسال: “ما يحدث في الصحراء الغربية من انتهاكات لحقوق الإنسان، لا تجد صداه في فرنسا ولا تولى إليه أهمية مقارنة بالقضية الفلسطينية، فهي في أفضل الأحوال بالنظر إلى ما يتعرض إليه الصحراويون من طمس للحقيقة”، ويردف: “للأسف لا تحصي القضية الصحراوية مساندين ولا جمهورا واسعا حتى في عز الأزمات أو الانتهاكات كما هو الحال في نوفمبر 2010، أصلا لم يلتفت احد إلى ما وقع هناك”. الفيلم الذي صور في ظروف عسيرة، تمثلت في تجاوز الرقابة الضيقة التي مارستها الشرطة المغربية على دونيس وفريقه، يقدم بلغة الصحراويين املهم في بلوغ مرحلة متقدمة من تقرير مصيرهم، إلا أن صوتهم يجد حواجز تحول دون وصوله إلى كل الناس عبر المعمورة: “هذا الوضع يشعر الصحراويين بالإحباط” حسبه.

لم يقو فريسال ورفاقه على تصدير فيلمه بالقدر الذي يخدم القضية الصحراوية، ويٌرجع السبب إلى: “الجدار الإعلامي الذي يصعب اختراقه في فرنسا.. من العسير لقاء الجمهور، أو جمعهم في قاعة للعرض، لان الحكومة تمنع عنا فضاءات العرض”، وكبديل على ذلك شرح فريسال للحضور أنه يلجأ وأقرانه إلى تنظيم لقاءات مصغرة، سهرات للنقاش بين الأصدقاء، حيث يدعى جامعيون وأساتذة.

المخرج وكاتب السيناريو والممثل المتعدد المواهب والمهمات، لام لي، بدوره قال عن “ليل هندوصيني طويل” إنه تعرض للمنع: “هذه السنة، نحتفل بالسنة الفرنسية الفيتنامية، وقد قرر السفير الفرنسي عرض فيلمي بالمناسبة، واعلم السلطات بذلك ستة أشهر من قبل، إلا انه عشية العرض نزل علينا قرار حكومي بمنع تقديم الوثائقي”. كما ندد لام بممارسات بعض المهرجانات الدولية، كمهرجان فانزي الذي طالبه بحذف بعض المقاطع كشرط للمشاركة: “عندما استطلعت الدقائق المطلوب حذفها، وجدت أنهم لا يريدون أن أتحدث عن الأزمة بين التروتسكيين والستالينيين. بطبيعة الحال رفضت التخلي على أي ثانية من عملي” يردف المخرج.

يرفض المخرج، أن يلعب دور المؤرخ، عند انجاز وثائقي يتناول موضوع تاريخي: ” لا يمكن أن يكون المخرج مؤرخا، لهذا لم استغنيت عن التعليق، لأني اعتقد أن النص المصاحب للموضوع يوجه المتلقى، وهذا ليس دورنا، علينا ترك المعطيات كما هي بلا تأثير في مسارها أو اتجاهها”، وعن فيلمه وصفه بالقول: “هو ليس عملا عن الذاكرة لأني ارفض الاشتغال في التوجه الذي تشجعه فرنسا حاليا، باسم الذاكرة هي تسعى للتكفير عن ذنب لم تحاسب عليه لحد الآن”. مؤكدا في نفس الفكرة، أن الشباب الفرنسي لم يعد يهتم بالتاريخ وان ما يلقن اليهم يكتنفه الكثير من الزيف والأخطاء، التي تقدم فرنسا على أنها كانت دولة استعمارية لنشر الحضارة.

من نفس القسم الثقافي