الثقافي

رحيل الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم

شاعر الغلابة وسفير الفقراء

 

غيّب الموت صباح أمس الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، غيّبه من دون أن يعرف البيت الأخير من تداعيات "الربيع العربي" والثورة المصرية، هو مَن كان يُعتبر أحد عواميد الثورات والاحتجاجات المصرية منذ أيام الانتداب الإنكليزي. طغى الشعر القومي والقريب من الناس على أشعار "نجم" الذي رافق الشيخ إمام في معظم اعماله للتعبير عن السخط والاحتجاج الذي تلا نكسة أفريل 1967، ما دفع بالرئيس الراحل أنور السادات إلى إطلاق عليه تسمية "الشاعر البذيء". لم يستطع نجم ان يتوافق مع أي حكومة أو سلطة مصرية، فسجن مرات عديدة، كما دخل في خلافات مستفيضة وعميقة مع كبار المسؤولين السياسيين في البلاد في أكثر من مرحلة تاريخية ومنها ما يحدث اليوم في مصر، وإبان انطلاق تحركات حملة "تمرد"، أكد على تمرده مرة أخرى فثار على السلطة المصرية بقيادة الرئيس محمد مرسي، "طبعاً تمردت، وأتمنى منكم أن توقعوا على استمارات الحملة، فلو لم نتمرد نحن، من سيفعلها؟ الإخوان؟". ولعل هذا النفس الاحتجاجي بداخل نجم بدأ في الفترة ما بين 1951 و1956، عندما انتهت معركة السويس وقررت الحكومة المصرية آنذاك تأميم القاعدة البريطانية وكل ممتلكات الجيش هناك؛ ويقول نجم في إحدى مقابلة له: "بدأنا عملية نقل المعدات، وشهدت في هذه الفترة أكبر عملية نهب وخطف شهدتها أو سمعت عنها في حياتي كلها. أخذ كبار الضباط والمديرين ينقلون المعدات وقطع الغيار إلى بيوتهم،..، فقدت أعصابي وسجلت احتجاجي أكثر من مرة، ...، وفي النهاية نقلت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بعد أن تعلمت درساً كبيراً، أن القضية الوطنية لا تنفصل عن القضية الاجتماعية، كنت مقهوراً وأرى القهر من حولي أشكالاً ونماذج، ...، كان هؤلاء الكبار منهمكين في نهب الورش، بينما يموت الفقراء كل يوم، دفاعاً عن مصر". بالرغم من مرور سنوات عديدة، حفظ جسد نجم النحيل حتى غيابه آثار الضرب التي تعرض لها في احد ايام 1959 بعد صدامات جرت في أحد أحياء القاهرة القديمة على إثر أحداث العراق، عندما اتهم مع أربعة آخرين بالتحريض والمشاغبة وتعرضوا للضرب المبرح وحتى فارق أحدهم الحياة.

وشكل دخوله السجن لمدة 33 شهراً بتهمة اختلاس الأموال محطة بارزة في حياته يصعب إغفالها، ومن ثم العودة مجدداً إلى الزنزانة لمدة 3 سنوات بتهمة تزوير استمارات شراء، بعد أن حاول الاعتراض على سرقات شهدها. تحركاته الشعبية وتضامنه مع حقوق "الغلابة" ولغته العامية في الكتابة جعلته أقرب للناس ولمطالبهم، فاعترف به الكثيرون كأب لثورة الكلمة، كما جعله هذا الأمر يكتسب لقب "سفير الفقراء" من قبل المجموعة العربية لصندوق مكافحة الفقر في الأمم المتحدة، وفاز مؤخراً بجائزة "مؤسسة الأمير كلاوس الهولندية للثقافة والتنمية" الكبرى، تقديراً لتأثيره الكبير في عدة أجيال مصرية وعربية. تزوج العديد من المرات أولها من فاطمة منصور، وأنجب منها عفاف، ثم تزوج من الفنانة عزة بلبع، ثم الكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها نوارة نجم، ثم ممثلة المسرح الجزائرية صونيا ميكيو، ثم حياة الشيمير، وأخيرا السيدة أميمة عبد الوهاب وأنجب منها زينب. وشيعت جنازة الشاعر الكبير من مسجد الحسين عقب صلاة الظهر، فيما كان العزاء ليلا في مسجد بلال بن رباح بالمقطم.

فيصل.ش/وكالات

 

من نفس القسم الثقافي