الثقافي

لوحات كوريغرافية من فلسفة الحياة

المهرجان الدولي للرقص المعاصر

 

استعرضت الفرق الراقصة من إيطاليا ووالوني ببروكسل والولايات المتحدة الأمريكية والجزائر يوم الخميس بالعاصمة لوحات فنية كوريغرافية استلهمت مواضيعها من فلسفة الحياة بتعدد أوجهها حيث يكون الإنسان محور العديد من المواقف. وقدمت الفرقة الإيطالية "أرتميس دانس" عشية اختتام المهرجان بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، عرضا كوريغرافيا استعانت فيه بالمسرح الياباني الذي يتميز بالسكون واستعمال الظل وكذا رقصة التمثيل الإيمائي (البانتومايم). وبلباس ياباني تقليدي, روت الراقصتان عبر حركات شغلت فضاء الركح الحياة الروحية لليابان بالإضافة إلى الطقوس الدينية التي تمارسها، حيث ميزها السكون الذي ساد القاعة. وجسدت الفنانة الكوريغرافية البلجيكية لويزة غرداوي عبر عرض كوريغرافي "المرأة والعصفور" حلم المرأة التي تتطلع في مجتمعها إلى التحرر بالاستعانة بالعديد من الإيحاءات التي تظهر ضعف المرأة وكذا تشبيهها في ضعفها وهشاشتها ورغبتها في الحرية بالعصفور. وأبرزت الفنانة مدى حاجة المرأة في الدفاع عن نفسها وظهر ذلك من خلال العرض الثاني الذي عنونته "الدفاع عن النفس". لويزة عبرت كذلك عن جذورها العربية من خلال أدائها لرقصات شرقية ولم تستثن أثناء عرض آخر من تأدية رقصات على إيقاعات خفيفة مغاربية أظهرت فيه أن للجنون حكمة. وروت من جهتها فرقة فريق الأحلام من تيزي وزو في عرض كوريغرافي المتكون من 4 راقصات, مسار حياة إنسان والنضالات التي يخوضها من أجل البقاء عبر لوحات فنية متعددة ترجمت عزم الإنسان في الصمود بالرغم ما يجابهه من صعوبات في الحياة. واستعرضت الولايات المتحدة الأمريكية التي شاركت بفرقة "أو" 4 لوحات كوريغرافية ترجمت مواقف حياتية تواجه الإنسان من عدم التوافق بين الأشخاص وكذا رغبته في التخلص من القيود التي تكبله. واختتمت فعاليات المهرجان الدولي الخامس للرقص المعاصر الذي شارك فيه 24 بلدا أمس الجمعة.

 

عنوان "دافنيس وكلوي" الصراع مع الذات ومع الآخر.

وكانت الفرق الراقصة التي قدمت يوم الأربعاء عروضا كوريغرافية مواضيع مرتبطة بالذات والإنسان وما يحوم حولهما من صراع أزلي في لوحة فنية تخاطب الضمير والعقل. واستعرضت مختلف الفرق الراقصة القادمة من فرنسا وسوريا واليونان والجزائر رقصات كوريغرافية طغى عليها البعد الإنساني في جميع تجلياته من محبة وصمود وذلك عبر حركات متناسقة أداها أعضاء الفرق المشاركة في اليوم السادس من المهرجان . وتحت عنوان "دافنيس وكلوي" ، سلط الكوريغرافي الفرنسي جون كلود غالوتا الضوء على المجتمع الغربي عبر قصة ثلاثي (رجلان وامرأة) يعيشون حالة من الصراع مع الذات ومع الآخر. وعبر حركات ميزتها أناقة الراقصين، قدمت فرقة جون كلود "مجموعة مارس كوننينغهام" للجمهور جانبا من الحياة الاجتماعية حيث تتصارع فيه العاطفة مع العقل لتنتهي في آخر المطاف باختيار أنسب لما تهواه النفس البشرية. وشدت فرقة زنوبيا لمسرح الرقص عبر عرض كوريغرافي بعنوان "إنسان" انتباه الجمهور حيث استعرضت الفرقة الأحداث المأساوية التي تعيشها سوريا منذ سنتين في محاولة لمخاطبة ضمير الإنسان. وفي تصميم كوريغرافي بسيط، ارتحلت الفرقة عبر تعابير جسدية تميل تارة إلى التفرقة والتشتت وتارة أخرى إلى الصمود بالذاكرة إلى مسرح العنف الدموي الذي يرتكب في سوريا وإلى ما تسوقه وسائل الإعلام من "تضارب في الأنباء". واستعان المصمم الكوريغرافي، نورس برو، بالرمزية في عمله الفني وتجلى ذلك في الوشاح الأسود الذي منحته إحدى الراقصات في ثوب أبيض والتي جسدت الوطن (سوريا) لشخصية التاريخ كي يسجل في صفحاته مأساة أمة بمختلف طوائفها. وقدمت مجموعة الرقص اليونانية "بروكسيما" عرض "ذاكرة" الذي أثارت فيه عادات وتقاليد اليونان القديمة التي أعطت قيمة لفلاحة الأرض لتواكب بعدها اليونان التطورات الحديثة حيث جسدت الراقصات الثلاث على الركح تعابير جسدية بطيئة لتفسر بذلك قلقا لأزمات محدقة. من جانبها، ارتكزت جمعية الرقص الجزائرية "الغرف الثلاثة" على اللغة الجسدية وعلاقتها مع المكان مستلهمة سيناريو العرض من تراث الثقافة البربرية وذلك عبر قصة امرأة وحيدة توجد في حالة انتظار، آملة في الالتقاء يوما ما بالحب.

فيصل.ش


من نفس القسم الثقافي