الثقافي
رصد لواقع المرأة المضطهدة بعيدا عن الاستعراض
"أندرومان .. من دم وفحم" لعز العرب العلوي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 نوفمبر 2013
النظرة التي تلقيها الفتاة " أندرومان "، على قريناتها من خلف باب بيتها، تسترق لحظة وجودهن كنساء يبحثن عند العطار عبق أنوثتهن، مشهد فني راق صوره لنا المخرج المبدع عز العرب علوي، في فيلم يحكي الظلم والتسلط الذي تعانيه الفتاة، لدرجة أنها جردت من أنوثتها للتحول إلى رجل وأداة في يد أبيها الذي يستغلها أبشع استغلال.
عرض العمل ضمن المسابقة الرسمية للطويل، في ثاني يوم من عمر مهرجان الجزائر الأول للسينما المغاربية. استطاع بلمسة جمالية أن يعالج قصة فتاة تدعى " أندرومان " تذهب ضحية تسلط أبيها " أوشن " الذي يشتغل في تجارة الفحم الخشبي. تعلم أصول هذه الحرفة من أبيه الذي ذهب ضحية سقوط شجرة " أندرومان" في الغابة.
الفيلم قمة في الإبداع النسائي، يعكس المعاناة والظلم الذي تعيشه المرأة القروية والمغربية على وجه الخصوص، يروي صبرها وصمتها وألمها وقوتها أيضاً وإراداتها في الوقت الذي أظهر فيه الفيلم مدى قوة المرأة المغربية الأمازيغية في مجتمع ذكوري.
اعتمد المخرج في مقاربته على أداء "أندرومان" لشخصية مزدوجة، وهي أن تكون بمظهر رجل أمام القبيلة، بحيث تخفي شعرها وملامحها الناعمة والأنثوية بقبعة وملابس واسعة، وفي المنزل تقوم بأشغال، وبمجرد التفكير في انوثتها وقيامها بأشياء توحي بذلك، ينهال عليها والدها بالضرب، لتنسى أنوثتها، ويقوم بحلاقة شعرها.
" أندرومان" لعز العرب علوي، جاء بنفحة اجتماعية جديدة ، عبر مشاهد من الطبيعة تنقل واقع المجتمع المغربي وتقاليده وتحفر في الذاكرة في طبيعة تأملية وقيمة جمالية ولغة تعبيرية تعطيه الطابع المحلي ، والهوية الثقافية المستمدة من الواقع الاجتماعي.
يحمل في ثناياه نفحات إنسانية ونقدا لاذعا لوضعية المرأة الريفية في المغرب الحبلى بالاضطرابات الاجتماعية والنفسية وصورة حقيقية للمجتمع ورصد الواقع وإشكالياته في أطر بعيدة عن الاستعراض أو النمطية، ووصف دقيق بأسلوب فني للانتهاك الذكوري للمرأة في المغرب العميق. حصل فيلم "أندرومان" على العديد من الجوائز الوطنية، حيث حاز في مهرجان طنجة للفيلم الوطني في دورته الثالثة عشرة على ثلاث جوائز، هي جائزة أحسن دور أول نسائي، وجائزة أحسن موسيقى، وجائزة أحسن دور رجالي ثانوي. كما حاز الفيلم على جائزة أحسن فيلم التي تمنحها جمعية نقاد السينما بالمغرب على هامش المهرجان الوطني للفيلم بطنجة. ومؤخرا افتك إحدى جوائز مهرجان الاسكندرية للسينما.