الثقافي

الفيلم الوثائقي المصري"إركي" حلم العودة ... إعادة بناء الإنسان

"تعالى زر... تعالى شوف ... تعالى وخلاص"

 

 

"تعالى زر... تعالى شوف ... تعالى وخلاص" جملة قالها شادي فكري الكاشف وهو الشخصية الرئيسية في الفيلم الوثائقي المصري "إركي" للمخرج الشاب وائل جزولي الذي عرض أمس بقاعة السينماتيك ضمن منافسة الأفلام الوثائقية في الطبعة السابعة لمهرجان وهران للفيلم العربي.

عادت قضية النوبيين المصريين إلى الواجهة، هذه الأقلية التي كانت تعيش في جنوب مصر قبل تشتتها إثر قرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بناء قناة السويس أين أغرقت الحضارة النوبية تحت المياه. محاولات التعتيم المتواصلة سواء إعلاميا أو عدم السماح بتناولها إعلاميا لم تثن المخرج الشاب وائل جزولي في الدفاع عن قضية هوية ومبدأ وانتماء. "إركي" التي حاك تفاصيلها الصحفي محمود أبو بكر يتطرق إلى معاناة النوبيين بعد تهجيرهم، هو فيلم وثائقي ملتزم بقضية مأساة الجيل الثالث من النوبيين الذين ولدوا وعاشوا في القاهرة بسبب التغريب الذي فرض عليهم بعد تهجيرهم إلى مناطق مختلفة أو اضطرارهم لفعل هذا جراء انعدام كل الظروف المعيشية التي تسمح بمواصلة الحياة أين لا وجود لا لكهرباء ولا غاز ولا حتى قنوات الصرف الصحي. يتناول المخرج وائل جزولي إشكالية كيف وجد النوبيون أنفسهم مهجرين في الصحراء أو في مدن الشمال دون أن يتمكنوا من العودة مجددا لضفاف النيل كما وعدتهم السلطات المحلية وها هي تمر 51 سنة على إغراق الحضارة النوبية وتهجير كل أهل المنطقة دون تجسيد أي وعود. يعالج الفيلم الأزمة السياسية والثقافية والديمغرافية لسكان الجنوب المصري من النوبيين، الذين تم تهجيرهم من مناطقهم لبناء السد العالي في عام 1963، ويسعى الفيلم من خلال تقديم نموذج رئيسي لأحد ضحايا التهجير (من الجيل الثالث للمأساة) إمكانية التغلب على الصعوبات القائمة من أجل إعادة بناء الثقافة النوبية وعودة أهالي النوبة إلى مناطقهم. بالإضافة إلى الأبعاد الإنسانية والثقافية والسياسية لتداعيات التهجير الذي شمل مناطق واسعة من أراضي النوبة(عشرات القرى) التي غرقت تحت مياه النيل. الفيلم يحتوي على شهادات لمن عاشوا التهجير وآراء مختصين في الشأن المطروح، ويروي الشخصية الرئيسية شادي فكري الكاشف تاريخ حضارة يحلم سكانها بالعودة وهي دعوة صريحة من اجل العودة مثلما قال آخر "نقطة العودة ... إعادة بناء الإنسان" تنتقل الكاميرا لعين المكان في رحلة من القاهرة إلى النوبة القديمة( 800 كيلومتر). يعود المخرج بأبعاد إنسانية تاركا بصمة ذاتية في الفيلم تحت غطاء الانتماء إلى الهوية والحضارة النوبية مستمدا من معاناة أبناء جلدته روحا إبداعية لخصها في هذا الفيلم الوثائقي الذي يرحل بنا في عوالم حضارة. "إركي" أمل ودعوة في العودة إلى الحياة من جديد فالحضارة هي الإنسان.

 

فيصل شيباني

من نفس القسم الثقافي