الثقافي

الممثل جمال بوناب في حوار لجريدة الرائد: "فوضى تطبع الإنتاج الدرامي والربح في المقام الأول"

كشف وجود جهات تسعى لتغييبه

 

في هذا الحوار الذي جمعنا مع الممثل جمال بوناب صاحب الباع الطويل في هذا المجال والذي يحوي في رصيده الكثير من الأعمال المسرحية والدرامية المميزة جعلت منه احد اكبر الممثلين على الساحة الفنية في الجزائر، أماط من خلاله اللثام عن مجوعة من الأمور التي تقف حائلا في سبيل تطوير فن التمثيل في الجزائر وكشف عن وجود لوبيات دخيلة على الفن وصفهم بالبقارة يشوهون صورة الفن. وتحدث كذلك عن غيابه عن الشاشة الصغيرة شهر رمضان والذي ربطه بتهميشه رغم الخبرة التي يمتلكها.

 

* أنت حاضر في المهرجان الوطني لمسرح الهواة فبأي صفة تتواجد في مدينة مستغانم؟

- أنا موجود في المهرجان كضيف شرف لا أكثر ولا اقل ولست هنا من أجل المشاركة بأي عمل أو تنشيط أي محاضرة.

* تعود المشاهد الجزائري على رؤيتك كل شهر رمضان من خلال أعمالك المميزة لكنك غبت هذه السنة فهل جمال بوناب غائب أم غيب؟

- الممثل بصفة خاصة لا يغيب فنحن هنا في كل الأوقات دائما موجودون من اجل الجمهور ولكن هناك جهات تسعى لتغييبنا.

* من تقصد؟

- الذين يسيطرون على الانتاج من منتجين ومخرجين أصبحوا يهتمون بكل من هب ودب والدخلاء على القطاع فالآن كل شخص يأتي هكذا من العدم فيمنحون له أدوارا مهمة رغم رداءة العمل الذي يقوم به. 

* وانتم كممثلين كبار لماذا لا تقومون بخطوات من اجل تطهير هذا المجال؟

- لا يمكننا فعل شيء لأننا ببساطة محترفين وهذه مهنتنا فمن كان بحاجتنا سيتصل بنا وان ساعدنا الحال سنشتغل أما أن كان العكس فالله يسهل على كل امرئ، هذا ما يمكنني قوله. فأنا كنت أريد العمل في شهر رمضان خاصة أن الجمهور يلح عليا دائما قبل رمضان ويسألونني عن الجديد ولكن لما تغيب الأعمال لست أنا من يتأثر في المقام الأول بل الجمهور الذي يريد رؤية الممثلين الذي أحبوهم في مختلف الأدوار التي يؤدونها. فهم في المقام الأول يريدون رؤية أعمالنا ولكن لم يتم طلبنا من قبل المخرجين وبالتالي لم نعمل وهنا أريد القول أن هذا العام قد مر ويمكن أن نكون العام القادم متواجدين بقوة. 

* رغم وجود قنوات جديدة وكثافة الإنتاج الوطني خاصة في شهر رمضان مقارنة بالسنوات الماضية فالآن نحصي في الجزائر اكثر من 10 قنوات رغم هذا افتقدكم الجمهور فما تعليقك؟

- هذه هي النقطة التي كنت أريد الحديث فيها واعتبرها لب الموضوع وتجدني حائرا فيما يحدث، حيث أننا كنا ننتظر مع القنوات الجديدة الموجودة على الساحة، ممكن أن تكون الأعمال بكثافة وتتوزع على كل الممثلين ويكون عندهم الحظ من اجل العمل ولكن لاشيء ملموس ولقد رأينا ومع كل احتراماتي لكل القنوات فأنا لم اقتنع بالاعمال التي قدمت. وحسب رأيي الشخصي هي أعمال لا ترقى إلى المستوى المطلوب وبعبارة أخرى" رداءة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ورأينا أشخاص في هذه القنوات الخاصة ليست لهم أي علاقة مع التمثيل وكل واحد يأتي بمعارفه، والممثلون الحقيقيون مهمشون ولم يظهروا ونفس الوجوه تظهر دائما. 

* هل تقصد أن هناك لوبي يتحكم في المهنة؟

- نعم هناك لوبي أو بعبارة أخرى عائلات في القنوات الخاصة، يعملون فيما بينهم ويأتون بأقاربهم والناس المختصين مهمشين وأنا واحد منهم. وهنا لا أريد أن أجرح في أحد ولكن لما أرى هكذا أقول الحمد لله أنني لم اشتغل والجمهور شاهد على أعمالي. فأنا لا أريد التورط في أعمال رديئة ولا أريد الوصول إلى درجة الاستهزاء بالجمهور. وكما يقول المثل " الزلط والتفرعين" .

* حسب رأيك ما هو سبب التراجع الذي تشهده الساحة الدرامية خاصة؟

- الجمهور الجزائري ألف شهر رمضان لأنه يدرك أنه شهر الإنتاج وهنا غرقنا في المناسباتية حتى المهرجانات التي تقام هنا وهناك هي مناسبات وهنا أريد إثارة نقطة وهي أن المناسبات لا تدوم ولا تحمل قاعدة نشد فيها فنحن ننتظر رمضان من اجل العمل وهذا يكسر الممثل لأنه يريد العمل دائما ومقارنة بأشقائنا العرب نرى ممثليهم يشتغلون على مدار السنة سواء في المسرح أو السينما أو الأعمال التليفزيونية، وهناك إنتاج وفي الجزائر الناس تشتكي وتقول أن وضعية الفنان في الجزائر معقدة وكل هذا، وشخصيا أقول بان الفنان لا يحتاج إلى قانون وكل هذه الترهات ولا انتظر من المسؤولين تسوية وضعيتي، أريد العمل وفقط الفنان يريد الإنتاج، ولما يكو العمل نجد ناس ليس لهم علاقة بالفن ويعملون.

* هل تقصد أن سوق الفن في الجزائر تحكمه الفوضى؟

- نعم بكل ما تحمله الكلمة من معنى أصبح الفن في الجزائر تجاري بحت، حيث أصبحنا نجد مخرجين ومنتجين لم نسمع بهم من قبل في أي أعمال، أو كاتب نص وبيعونا عمالهم للتلفزيون الذي يشتري أي شيء، والناس ترى الأعمال الرديئة وتحمل التلفزيون المسؤولية أما المنتج أو المخرج فسيكون بعديدا عن أعين النقد. فكيف يمكن أن ترى أعمالا جيدة وتجد رجل أعمال أو يشتغل شيئا آخر ثم يأتي وينتج عملا فنيا هذا لا تنتظر منه غير الرداءة. 

* لكن من خلال حديثك عن المخرجين وجدنا بعض الأعمال جيدة من الناحية التقنية فما قولك؟

- ليس كل الأعمال ولكن الآن الإمكانيات موجودة خاصة ونحن في العالم الرقمي الذي اكتسح كل شيء، ولما أرى أعمال المخرج الجزائري جعفر قاسم أقول "ما شاء الله" هو مخرج شباب يحب عمله ويظهره على أكمل وجه، ولا يريد اللعب بالنار حيث أنتج عملين جيدين أحدثا ثورة لدى المشاهد الجزائري أراد أن يكمل في نفس الطريق. وأعتبره الأول الذي أجاد العمل من الناحية التقنية خاصة، حيث أدخل المؤثرات البصرية والتحكم في الصورة وغيرها من الأشياء الأخرى. والناس لما شاهدت العمل أشادت باحترافيته. كما أن هناك شركات إنتاج خاصة كذلك قامت بأعمال محترمة مثل المسلسل الذي أخرجه بشير سلامي واعتمد على بعض الوجوه الشابة الموهوبة وهنا أريد القول أن الممثلين الشباب بحاجة إلى التأطير، لأن الموهبة وحدها لا تكفي. ونحن كنا نؤدي أدوارا صغيرة ولكن وسط ممثلين كبار كعلولة وحسان الحسني ورويشد وغيرهم. أما الآن نجد ممثل شاب يعطوه دورا أكبر منه فهذا لا يمكن أن تنتظر منه شيئا. 

* الإنتاج الجزائري يعاني من نقص فادح وكوارث في الحوار الدرامي؟

- لأن الفوضى تحكم كل شيء، الأرجح أن مسلسلا أو فيلما يقوم بكتابته ناس مختصين فكاتب الحوار متخصص وكاتب السيناريو متخصص ولكن عندنا المنتج هو المخرج وهو كاتب السيناريو وممثل في وقت واحد. يجب أن يتوفر الاختصاص من أجل القيام بأعمال جيدة فالمنتجين حاليا همهم الوحيد هو المال الذي يعتبر الاختصاص الأول. 

* الملاحظ للحوار في الأعمال الدرامية الجزائرية هو عدم تمسكنا لا بالعربية الفصحى ولا بالدارجة الجزائرية؟

- أوافقك الرأي وأنا اشتغلت في العديد من العمال والمسلسلات، والحديث باللغة الفصحى جيد ولكن يجب أن يكون في مكانه، فعندما تقوم بمسلسل أو فيلم تاريخي فيجب الحديث بالفصحى ويجب توفر باحث في اللغة ومصحح لغوي، ولكن نحن نعتمد على لغة خليطة والمشاهد هنا يمل من هذا الحوار لأنه يريد لغة قريبة منه. 

* عرفت خمسينية الاستقلال عدد كبير من الأعمال التاريخية؟

- هذه الخمسينية حسب رأيي هي من أجل ملأ "الشكارة" وفقط، وأنا شخصيا لم تحفزني هذه الأعمال من أجل الاشتغال ولا أرى نفسي في الأعمال الثورية التاريخية. وفي هذه الخمسينية مليارات الدينارات التي صرفت على أعمال لم ترق إلى المستوى المطلوب، لان المنتج يضع الأموال في جيبه أما الممثل فيبقى آخر من يتقاضى أجره. ولكن نحن من أجل الجمهور نقبل في الاشتغال وسط هذا الجو المتعفن. 

* ماذا عن جديدك في المسرح؟

- سأبدأ جولة فنية عبر الوطن بمسرحية "وزير وربي كبير" للمخرج جمال قرمي، وجمال قرمي هو رجل مسرح وأنا أحب المسرح. واعتبر المسرح هو المدرسة وأنا شخصيا بدأت المسرح في 1974 وتعلمت على يد كبار المسرحيين ولو وجدت الإنتاج المسرحي كثيفا لبقيت في المسرح. 

 * على ذكر تعلمك من كبار الممثلين ماذا تقول عن التكوين في الجزائر؟

- المعهد الوحيد في الجزائر هو "ليسماس" الموجود في برج الكيفان بالعاصمة، وهنا أوضح أنه فرق كبير بين المعهد في السابق والذي تخرج منه ممثلون كبار مثل فلاق وحميد رماس ومصطفى عياد وزياني شريف عياد ولكن الآن 100 علامة استفهام تطرح حول هذا المعهد، يمكن أن نرجع السبب لعدم إعطاء الفرصة لهؤلاء الشباب المتخرج من هذا المعهد. 

* ماذا تقول عن المسرح الهاوي؟

- هناك فرق مسرحية هاوية يمكنني القول أنها أحسن من الفرق المحترفة، وأنا لا أرى فرق بين الهاوي والمحترف، وهناك طاقات شابة تقوم بعمل كبير أحسن مما يقدمه المحترفون، ولكن غياب الإمكانيات يمنعهم من الظهور ونحن نرى في مهرجان مثل هذا التنظيم الكارثي خاصة من ناحية الصوت والخشبة، التي تعيق الممثلين وتقف في وجه تقديم عمل جيد. فكيف يمكن أن تقدم عملا مسرحيا في خيمة وفي تلك الخشبة؟!

حاوره في مستغانم فيصل شيباني 

من نفس القسم الثقافي