الثقافي

المسرح والسياسة خطان يلتقيان في تيقنتورين واللعب في الوقت بدل الضائع

افتتاح الطبعة الـ46 من المهرجان الوطني لمسرح الهواة

 

عندما يتحول المسرح إلى أداة سياسية في يد من تخول له نفسه للتصرف في الفن واستعماله كوسيلة من أجل الوصول إلى أهداف وخبايا لا يرجى من ورائها غير أجندات سياسية تخدم مصالح معينة من أجل الحصول على مزايا وإرضاء جهات معينة، هذه الأوصاف كلها تنطبق على افتتاح المهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته الـ46 والذي يقام بدار الشباب في مستغانم أين كانت "تيقنتورين" و"الجنوب"، وتواصل الشمال مع الجنوب وموسم الهجرة إلى الجنوب أين يقحم الروائي السوداني الكبير الطيب صالح في أشياء مثل هذه تستدعي وضع النقاط على الحروف وتسمية الأمور بمسمياتها وضرورة إعادة صياغة المفاهيم الفنية وفق أسسها وعدم الخروج عن الرسالة الأسمى لأب الفنون المسرح.

 

وشهد حفل الافتتاح الذي تميز بتنظيم سيء وصوت أسوأ مما يتصوره عاقل وبين صيحات وصفير المراهقين وبكاء الأطفال تعالى صوت محافظ المهرجان رشيد جرورو، الذي اعتلى المنصة بعد تمرير العديد من الرسائل السياسية من المنشط احمد بن صبان الذي لا يتوانى في كل مرة يظهر فيها إلا ويحاول بطريقة أو بأخرى الوصول إلى أهداف معينة. وفي ظل كل هذا قال عبد القادر جرورو بأن الطبعة الـ46 من المهرجان الوطني لمسرح الهواة تعود هذه السنة لتكرس جهد سنوات من العطاء من قلب مختلف الفنيين الذين يسعون إلى إعلاء هذا المهرجان حيث اختاروا لهم المسرح كعنوان لإبداعهم.

وقال جرورو إن هذا المهرجان وصل إلى ما هو عليه الآن وفي طبعته الـ46 بفضل جهود وقوة الفكرة لتجاوز عقبات الزمان واستطاع المرحوم السي الجيلالي بن عبد الخليل ومن معه من رجال الفن سنة 67، من التأسيس لهذا المهرجان وأضاف جرورو أن الأمانة والحمل كبيرين. واعتبر أن هذا المهرجان هو صورة المدينة وصورة شباب أتوا من كل الولايات بأحاسيس راقية، ونوه جرورو بالثقافة الجزائرية التي ترتقي بالإنسان من باب المسرح، وأضاف أن المهرجان في هذه الدورة قرر أن يفتح أبوابه على شباب الجنوب من خلال افتتاح المهرجان، وإسناد دورة تدريبية إليهم بهدف النهوض بمسرح الجنوب، وأضاف بأن المهرجان ليس مجرد عروض فقط بل هو تبادل للخبرات بين مختلف الشباب الحاضر، من اجل إثراء الإبداع، وأثنى جرورو على المهرجان الوطني لمسرح الهواة معتبرا إياه أطول وأقدم المهرجانات المسرحية العربية. واستطاع المهرجان أن يمتد إلى بعض مناطق الوطن على 

غرار برج منايل، بفضل المؤمنين بأهمية المسرح الهاوي، ونظم المهرجان العديد من الدورات التكوينية لفائدة الشباب لكل من ورقلة وبجاية، وأضاف المحافظ بان هذا المهرجان سيأخذ بيد الشباب الهاوي. وأشاد المحافظ بدعم وزارة الثقافة من اجل سيرورة هذا المهرجان منوها في هذا الشأن بدور والي ولاية مستغانم الذي يسعى جاهدت حسب جرورو في سبيل إعلاء كلمة المسرح. وفي مفاجأة لم يكن ينتظرها كشف جرورو، بأن الفنان الكبير الحاج المكي سيكون رئيس المهرجان في هذه الدورة. وبعد كلمة محافظ المهرجان كان الموعد مع العرض الافتتاحي، للمخرج الكبير هارون الكيلاني الذي مزج بين الرقص المعاصر في صورة البريك دانس والحوار المسرحي في رسالة أراد من خلالها إيضاح الرؤية عند الكثير من الناس بضرورة الالتفات إلى الجنوب الجزائري. وظهر من مغزى هذا العمل أن يحمل توابل سياسية أراد من خلالها الكيلاني تمرير رسالة تواصل بين شباب الجنوب الجزائري المهمش وتساءل العديد من الحاضرين حول هذا الظرف ولماذا انتظر الحراك الجنوبي حتى تحرك المسرحيون في بلادنا والتفتوا إلى شباب الجنوب. ونجح مجموعة الشباب من مدينة الأغواط وادرار الذين اختارهم الكيلاني في هذا العمل المشترك من تقديم لوحات رائعة تدعو إلى التواصل بين مختلف الأجيال من خلال عرض تقديم لوحات كوريغرافية وعرض صور للذين ساهموا في إعلاء راية الجزائر في مختلف المجالات وفي كل الأوقات، فتم إظهار الشهداء الذين ضحوا في سبيل هذا الوطن وبعدها الفنانين في صورة القدماء كشافية بوذراع ونادية طالبي إلى الجيل الحالي من الذين تبعوهم في صورة ريم تاكوشت وسميرة صحراوي وعايدة كشود وغيرهم. أما المفاجأة الكبرى التي ارتأت محافظة المهرجان تقديمها للمخرج هارون الكيلاني فهي إحضار والدته إلى الخشبة دون علمه وهو الذي كان يحلم برؤية والدته وتكريمها على الخشبة. يذكر أن المهرجان يشهد حضور 6 فرق مسرحية تشارك خارج المنافسة و12 فرقة تتنافس على جوائز التظاهرة على غرار فرقة الجيلالي عبد الحليم، الموجة وفرقة مصطفى كاتب من مستغانم، فرقة الرسالة للمسرح من المسيلة، جمعية مسرح الغد لبراقي، فرقة مسرح الحرف لسيدي بلعباس وأخرى، يتخلل المهرجان الذي افتتح بعرض مسرحي بعنوان "سريع الجنوب" للمخرج هارون الكيلاني، تنشيط ثلاث ندوات من قبل مختصين في المسرح أبرزها المحاضرة التي يقدمها مباركي بوعلام حول "درامارتورجيا العرض المسرحي الحلقوي"، "الحلقة في التجربة المسرحية الجزائرية" لمنصور لخضر و"قعدة حول مسرح الحلقة" من تنشيط قدماء المسرح الجزائري. كما اقيم على هامش الإفتتاح معرض للفن التشكيلي ضم عدة لوحات فنية قاربت 30 لوحة للفناني لعبيود وعمر خيثر. ومعرض للألبسة التقليدية وصور لرواد مسرح الهواة بمستغانم.

 

مبعوث "الرائد" إلى مستغانم فيصل شيباني

من نفس القسم الثقافي