الثقافي
جدل بشأن مبادرة "مثقفون جزائريون ضد الانقلاب"
سواء في الجزائر أو في مصر
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 أوت 2013
أثارت مبادرة "مثقفون جزائريون ضد الانقلاب" ردود فعل قوية سواء بين المثقفين الجزائريين أو المثقفين المصريين، وتحولت صفحات فيسبوك إلى ساحة "حرب كلامية" بين المؤيدين والمعارضين للفكرة، فمنهم من رأى فيها دعما "للحق في الحياة"، ومنهم من اعتبرها تدخلا سافرا في شؤون مصر الداخلية، وأن أصحاب المبادرة لا يمثلون إلا أنفسهم.
واعتبر أصحاب المبادرة أن الاعتداء على المتظاهرين السلميين في ميدان رابعة العدوية، وغيرها من ميادين الاعتصام "تنسيق إجرامي صريح بين قائد القوات المسلحة عبد الفتاح السيسي، ومجموعات من الإرهابيين استعملت الرصاص والأسلحة البيضاء في تقتيل المتظاهرين السلميين". وطالبوا بمحاكمة السيسي "بتهمة قتل المتظاهرين والانقلاب على الشرعيّة والخيانة العظمى". غير أن المبادرة لم تلق قبولا لدى بعض من المثقفين الجزائريين، الذين رأوا فيها تدخلا في شؤون مصر الداخلية، متهمين أصحاب المبادرة بالانحياز لجماعة الإخوان المسلمين، على حساب إرادة الشعب المصري، ووصل الأمر إلى وصف أصحاب المبادرة بأنهم "مثقفو الناتو"، ونزع صفة المثقفين عنهم، ويقول الشاعر عاشور فني بأن هؤلاء أغلبهم من "قراء الصحافة الصفراء، وفتوى إرضاع الكبير انتحلوا صفة المثقفين ليتدخلوا كالمعتوهين في شؤون بلد مستقل". وتداولت بعض صفحات التواصل الاجتماعي، بيانا منسوبا للمثقفين المصريين، موقعا من طرف أدباء وإعلاميين مصريين، منهم الشاعرة ميمي قدري، والشاعر والإعلامي محمد الفار، والناقد رمضان الحضري وغيرهم، جاء فيه أن "ما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا، بل ثورة شعبية"، وأشار البيان إلى أن "الإخوة أدباء الجزائر الشقيقة، الموالين لتيار الإخوان الذين قاموا بنشر البيان، مع ندرة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة من أدباء مصر، لا يعبرون إلا عن أنفسهم، ولا يحق لهم التحدث باسم عموم الأدباء والمثقفين العرب".
رفض البيان
ورفض هؤلاء المثقفون في بيانهم ما قالوا إنه "تطاول على القوات المسلحة، وقيادتها"، وأضافوا أن "من غير المسموح لكائن من كان التدخل في شؤون مصر"، وأنهم "سيقفون بكل حزم بمواجهة أية محاولة أو تصريح أو بيان خارجي، يهدف إلى تأجيج نار الفتنة والتحريض على التناحر والصدام بين فئات الشعب المصري، أو التشكيك في ثورته".
وفي حديثه أكد الشاعر رابح ظريف منسق المبادرة أن "البيان ترك حالة ارتياح كبيرة وسط الطبقة الثقافية والإعلامية وفعاليات المجتمع المدني، عدا بعض الأصوات المعروفة بميولها العلمانية المتطرفة". ومضى يقول "لم نكن نتوقع منهم في الأصل أن يقفوا مع البيان، لمعرفتنا المسبقة بمواقفهم الجامدة والرجعية من أي حراك شعبي". أما على مستوى مصر فيشير ظريف إلى أن "بعض الجزائريين حاولوا الترويج لبيان صادر عن مثقفين مصريين على أساس أنه رد على بياننا، تبين فيما بعد أنه بيان سابق، ربما يتعلق ببيان آخر". ويؤكد ظريف أنه تلقى رسائل شكر وامتنان من مبدعين وشعراء مصريين، "ثمنوا فيه المبادرة"، والتي قال عنها إنها 'إنسانية بحتة ولا تخضع لأي ميولات سياسية". وتأسف ظريف على ما قال إنه "انهيار أهرام الثلج التي كان يبنيها العلمانيون في الوطن العربي"، ويتابع "المتأمل لردود فعل كثير من متزعمي هذا التيار في الوطن العربي، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن تطرف العلمانية خطر حقيقي على الأمّة العربية خصوصا، وعلى الإنسان عموما". من جانبه أكد الشاعر والكاتب يوسف بعلوج نائب منسق المبادرة أنه فوجئ بالحملة التي مارسها عدد من المثقفين ومن أسماهم بـ"متوهمي الانتماء إلى الطبقة الثقافية" على البيان، وبرأي بعلوج فإن "هؤلاء كان بإمكانهم صياغة بيان يؤيدون فيه انقلاب العسكر على شرعية الصندوق، بتلك الطريقة التي أعتبرها مخزية ومشوهة للحراك ضد الإسلاميين في مصر، الذي أؤيده كما أؤيد أي حراك شعبي من أجل أية قضية كانت". ويشدد بعلوج على أن أصحاب المبادرة "لا يهدفون إلى تغيير الكون، وقد لا يكون باستطاعتهم أن يغيروا الواقع في مصر" وعلى مستواه الشخصي يقول "الأمر لا يتعلق إلا بإبراء ذمة أمام أرواح تزهق بسبب ممارستها لحقها السلمي بالتظاهر".
فيصل. ش