الثقافي

الروائي الأمريكي جلول ماربروك (مبروك): عرفت أنني جزائري الأصل متأخرا

في حوار لجريدة الشرق الأوسط

 

 

أكد الشاعر والروائي الأمريكي من أصل جزائري جلول ماربروك أنه لم يفكر ولا يوم في تغيير اسمه، مع أنه سبب له الكثير من المتاعب. وأضاف أن بعض الناس كان يرفض أن ينطقه أو يكتبه بالطريقة الصحيحة. 

 

وفي سؤال حول بداية بحثه عن أصوله قال بأنه بدأ ذلك في سن مبكرة حين شعر أن والدته لم تخبره الحقيقة بشأن أصله، هذا ما دفعه للتفكير في أن جذوره فرنسية لأن فرنسا كانت تحتل الجزائر في ذلك الوقت، وأن اسمه قد يكون مكتوبا بالفرنسية، لكنه من أصل عربي، تماما مثل اسم زوج والدته الذي تحول من «دومينيكو جيوفاني» إلى «دومينيك جون». وأضاف جلول مبروك أنه توصل إلى معرفة الحقيقة في وقت متأخر جدا من حياته، وبالصدفة عام 1992، عندما نظم مع دائرة الثقافة الأميركية معرضا في الجزائر للوحات والدته التي رسمتها هناك في الثلاثينات من القرن الماضي. وصادف سيدتان جزائريتان، من ضمن المسؤولين عن المعرض، أبديتا اهتماما شديدا بلوحات والدته، وجاءتا إلى الولايات المتحدة لمقابلتها، حينها يضيف قائلا "لاحظت حينها وشما على ذراع إحدى السيدتين، وأخبرتها أني شاهدت هذا الوشم في إحدى لوحات والدتي. قالت: «نعم، إنه علامة على قبيلة أولاد نايل»، حينها فكرت أن والدتي قد عاشت مع أولاد نايل، وعندما عادت هذه السيدة إلى «بوسعادة»، فهي المسؤولة عن المتحف، اتصلت بي لتقول إنها تريد تقديمي لعائلتي هناك" وفي نفس السياق يضيف مبروك "كنت مرتبكا جدا، فقد علمت أن لي زوجة أب وأخوين وأخت. كانت والدتي دائما تقول أن والدي قد توفي عندما كنت رضيعا، الحقيقة أنه عاش حتى عام 1978، وتزوج من سيدة أسكوتلاندية ثرية كانت تعيش في «بوسعادة». وبعد وفاتها تزوج من الفتاة اليتيمة التي كانت ترعاها زوجته، وإنها لا تزال تعيش في بوسعادة، كنت أعجب ما جدوى كل ذلك الآن؟ وعلمت بعد ذلك أن اسم «ماربروك» هو التسمية الإنجليزية للاسم العربي الشائع مبروك".

وعن علاقته بوالدته قال جلول مبروك إنه انتظر لفترة طويلة قبل أن يخبرها أنها كذبت عليه في ما يتعلق بجذوره العربية، وأبرز في هذا الشأن " عندما أخبرتها سنوات قليلة قبل وفاتها «عام 1999» عندما أخبرتها بما عرفت، وجاء ردها مؤكدا لما أعرفه عن طبيعتها. أخبرتها أن والدي «بن عيسى» قد أنجب ولدين آخرين وبنتا. ظلت صامتة لفترة ثم سألت فيما إذا كانت عيونهم زرقاء. وتّرني تجاوبها البارد، فأنهيت الحديث. وفي نفس السياق اضاف مبروك "علاقتي بوالدتي ترتبط بحبي للفن وتقديري موهبتها بصفتها فنانة. لا أعتقد أنها كانت ترى في وجودي أي سعادة لها. وجودي كان يجلب لها ذكريات علاقتها المريرة مع والدي، ودائما يذكرها بإحباطاتها معه. لكنها عموما كانت تلهم الجانب الفني في وعلاقتنا كانت حول الفن ليس أكثر". وعن اختياره بطلا من أصول عربية لروايته الأخيرة «الضوء مخترقا المياه"، قال "ففي الثمانينات من القرن الماضي، كنت أعمل على بحث يتعلق بتاريخ الملاحة البحرية، واكتشفت معلومات هائلة قادتني إلى مخطوطات وكتب عن ربابنة البحار، وهذه بدورها قادتني في النهاية إلى تاريخ العرب في البحار العليا وبناء السفن وبسالتهم في الملاحة. كنت مستثارا بهذه المعلومات فغرقت في البحث، وقد ابتعدت عن خطة البحث الأساسية غير آبه بالعودة إلى خطة الرواية. كنت أريد فقط مواصلة المعرفة. فحدث بعد ذلك أن بدأت الشخصيات تتحدث لي بنفسها، وصرت أسألها عن ماهيتها. كنت قد شكلت في السابق شخصية «بِلي سالفياتي» في رواية «ساراسينو»، وأعتقد أنه بدأ بعد ذلك بالتحول إلى «بو كافاليري» (الشخصية المحورية في الرواية) وبدأت الشخصيات الأخرى بالظهور. وأخيرا وفي سؤال حول الرسالة التي يود ايصالها لقرائه في الشرق الأوسط الذي سيقرأ روايته مترجمة إلى العربية، أوضح مبروك أنه شائع في الغرب أن ينظر إلى الحضارة العربية والإسلامية على أنها شيء غريب ومختلف. وهذه ليست الحقيقة، واعتبر «الضوء مخترقا المياه» بوصفها ملحمة أوديسية، تنفتح على ثقافات عدة وتظهر أهمية الروابط بينها. التاريخ العربي يشكل جزءا من تاريخ الغرب، فللعرب مثلا، مواقفهم المتسامحة أمام التعصب المسيحي المشوه. والعرب بأخذهم «الصفر» من الهند قد طوروا به علم الحساب والرياضيات ليصل إلى ما هو عليه اليوم. الشعر الإنجليزي والفرنسي المعاصر هو امتداد طبيعي للشعر العربي والأمازيغي في الأندلس. وقال مبروك "فتح العرب طرقا بحرية وجددوا وأضافوا إلى وسائل الإبحار التقليدية، كما أضافوا في الطب والجراحة والتعقيم. القائمة طويلة، وأنا أستخدم هذه الحقائق وبعض الخيال في سردي قصة البحار.. عالمة الرياضيات الإنجليزية وتاجر السلاح الشيشاني ومفجر القنابل الآيرلندي والسلطان العماني المسن، وآخرون. جلول ماربروك (أو مبروك) شاعر أميركي حاصل على جوائز عديدة في الشعر. ولد عام 1934 في الجزائر لأب بدوي وأم رسامة أميركية. عاش طفولته بين بروكلين ومانهاتن ونيويورك حيث أنهى المدرسة والتحق بجامعة كولومبيا وخدم بعد ذلك في البحرية الأميركية ثم عمل في الصحافة بقية حياته. أول مجموعاته الشعرية «بعيدا عن الجزائر» نشرت عام 2008. من أعماله الأدبية: روايات قصيرة بعنوان «ذئب المراعي»، و«غرفة أليس ميللر» و«ساراسينو».

فيصل. ش

من نفس القسم الثقافي