الثقافي

الشيخ محمد الغزالي: من العبث القول بأن القوانين تغني عن الأخلاق

أعيد بثها في الحصة الإذاعية منتقيات من الملتقيات

 

استهل الشيخ محمد الغزالي، خلال المحاضرة التي ألقاها بملتقى الفكر الإسلامي في الثمانينات وتم اعادة بثها ببرنامج منتقيات من المتقيات للقناة الاولى، محاضرته بالقول "احيانا عندما يشكو المرء قسوة القلوب وعوج السلوك يتفوه بكلمة عثمان بن عفان "يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، مضيفا أن "الناس منذ بدء الخلق يعلمون انه لا بد من انظمة صارمة وشرائع رادعة وان صوت العصى الغليظة قد يكون اوقع من صوت الواعظ البليغ أو الفيلسوف الحكيم". وأضاف أن "هذا الكلام تصوير جزئي مقبول لسير المجتمع البشري قديما وحديثا ولكننا نخطئ خطئا اذا حسبناه تصويرا كاملا للحقيقة كلها"، موضحا انه "بعد تجارب طويلة متيقن بان تصحيح البواطن هو الاساس الاهم لتصحيح الظواهر وان ادق الانظمة تنهار مع خراب النفوس، وأن الضمان الاوثق لنجاح الاقتصاد وانتصار الجيوش واستقامة المجتمع واستقرار الحضارة يعدو بادئ ذي بدء إلى الصحة النفسية، إلى البراءة من الاهواء والدنايا، إلى التجرد لله وإيصال ما عنده"، وتابع "سيقال هذا حديث منابر يجيده رجال الوعظ والإرشاد وقد جربناه فما أجدى، مجيبا "بأن الامر فوق ذلك وبأنه عاش ايام الصبى في ظل الاحتلال الانجليزي ثم في ظل ملكية دستورية ثم في ظل نظام جمهوري، وبأنه ذاق طعوم الاقطاع والرأسمالية والاشتراكية كما بلغ في ظلال اخرى انظمة شتى للفقر بعضها بدائي وبعضها عصري، كما قرأ عن انظمة وفلسفات قامت في بلاد اخرى كما درس ووازن وعاد اخيرا، وهو متيقن بأن النفس الفوضوية تخترق حكم الانظمة وان النفس السوية لن تعجز بشتى الحيل عن طرد طابعها الطيب فيما تتولى من مناصب أو تباشر من اعمال. وأكد الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- انه من العبث القول بأن القوانين تغني عن الاخلاق أو أن الاخلاق تغني عن القوانين، مضيفا بأنه يريد ابراز حقيقة يحاول الكثير اخفائها أو الغض من قيمتها، وتكمن في اثر زكاة النفس في استقامة المجتمع مشيرا إلى أن القرون الاخيرة في التاريخ الاسلامي كانت قرون هزائل وانسحاب عام في ميادين العلم والحكم أو في ميادين الثقافة والسياسة أو في ميادين العطاء العالمي ماديا كان أو ادبيا. وفي تعقيبه على المحاضرة، أوضح ضيف البرنامج الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، "حقيقة عندما يعيش الانسان مع الداعية الطبيب المشخص للداء ومفحص الدواء الشيخ محمد الغزالي تعود به ذاكرته إلى لقاءات مع هذا الشيخ، عندما يعمد إلى واقع الامة الاسلامية فتجده يجهش بالبكاء احيانا عند تطرقه إلى هذا الواقع المؤلم"مضيفا "اليوم كنا نعيش معه هذه الحقن التي حملها طيلة حياته إلى أن توفاه الله حول واقع الامة الاسلامية المؤلم". وأفاد المتحدث بأن مجموعة من القضايا تستوقفه في المحاضرة وهذا لكون الانسان لا يستطيع أن يلاحق كل ما تفضل به الشيخ محمد الغزالي لأنه كان منبها في البداية بالقول، انه سيقرأ ما كتب وهذا دليل على أن ما يكتبه هنا ليس ما يلقيه عادة لكون أن الخطابة غالبا ما تأتي بكلام عادي وبكلمات طبيعية عادية. وأضاف: "في كتابة الشيخ محمد الغزالي نجده يغوص في قلبه وفي عقله ليكتب من وحي هذا الغوص حقائق معينة".

فيصل. ش

 


 

 

من نفس القسم الثقافي