الثقافي

ساحة "أودان" وطريق ديدوش مراد يتحولان إلى متنفس للرسامين

الرسم في الشارع لغة لمن لا صوت لهم في الجزائر

 

بعيداً عن أضواء الكاميرات اختار بعض الشباب الجزائري الشارع كفضاء للتعبير وإيصال رسائلهم، والاحتجاج بطريقتهم الخاصة، وبعيداً عن مقص الرقيب تركوا لخيالهم وأناملهم وموهبتهم تعبر وحدها وتستنطق أقلام الرصاص وبلا ألوان قائلين "الشباب يريد شغلاً، يريد سكناً، يريد كرامة، يريد مستقبلاً". الرسم في الشارع هكذا أرادت صبيحة ذات الـ26 سنة أن تحول معاناتها اليومية إلى رسومات تعرضها على المارة في ساحة "أودان" بقلب العاصمة الجزائرية، حيث اضطرت هذه الشابة استغلال موهبة لديها منذ الصغر لترسم صور المارة من أجل كسب المال وتعرض منتجاتها الفنية في الشارع. أخذت صبيحة من زوايا ساحة "أودان" زاوية لعرض رسوماتها جنب محطة حافلات النقل الحضري، وهو المكان الذي جذب الزبائن ممن يريدون تخليد صورهم في رسومات بالأبيض والأسود من أنامل هذه الفتاة، التي وجدت ضالتها في العيش في استغلال موهبتها في كسب قوت يومها. وقالت صبيحة إنها تجرعت الآلام طوال سنوات الطفولة والصبا بعد طلاق والديها وهي بعمر ثلاث سنوات لتجد نفسها بين مراكز الأيتام والطفولة المسعفة، لكنها اليوم أصبحت تدافع عن حقوق أطفال الشوارع". واستغلت صبيحة اهتمام المارة حيث افترشت الأرض وانهمكت في إعادة رسم صور لأشخاص تحت طلب أصحابها الذين انبهروا لرسمها، حيث جذبت تلك الرسومات إليها الزبائن والمارة أيضاً، والتفوا حولها ليشاهدوا كيف تخط بقلم رصاص تلك الوجوه. وحول استعمالها للون الأسود والأبيض في رسوماتها قالت صبيحه: "إنهما اللونان الوحيدان اللذان يبرزان حقيقة الأشياء وحقيقة الأشخاص دون زيف الألوان التي غالباً ما تضفي على الصورة جمالاً إضافياً لا نعرفه ولا نعيشه في واقعنا". وتتطلع صبيحة لتعلم أبجديات الرسم في مدرسة للفنون الجميلة بالجزائر، فضلاً عن كونها حرفة ووسيلة أيضاً تسترزق منها أيضاً بعدما وجدت نفسها وحيدة تصارع تصاريف الزمن. وفي ساحة "أودان" بقلب العاصمة الجزائرية أصبحت ملاذاً للرسامين والموهوبين والمولعين بالفن على غرار الرسام هشام سوامي، الذي اتخذ من هذا الشارع الرئيسي في قلب العاصمة الجزائرية باعتباره الفضاء المفتوح الذي يتخذه العديد من الموهوبين في عرض لوحاتهم وحتى كتبهم القديمة فضلاً عن كونه شارعاً ضخماً ومعروفاً بصخبه اليومي بالمارة. كما أنه يحمل بين جانبيه وزواياه الكثير من آلام العشرات من الجزائريين وخصوصاً في الليل. ويقول سوامي "الرسم وسيلة تنديد ومطالبة ودعوة يقدمها للسلطات، لتلتفت لهؤلاء الشباب في إشارة منه إلى طلبة الجامعة المركزية ليجدوا ضالتهم بعد التخرج، بعد سنوات الدراسة". ويضيف المتحدث أن "المطالبة بالحقوق لا تتم فقط عن طريق الحرق والتكسير والصراخ والبحث عن إسقاط النظام، ولكن هناك وسائل أخرى يمكنها أن تجذب المسؤولين وتدق على أبوابهم دون إحداث ضجة ولكنها طرق مؤثرة جداً لأنها تبقى حية مع مرور الزمن". 

ف. ش/ وكالات

من نفس القسم الثقافي