الثقافي

العرض الشرفي لمسرحية "بوتي عمر ... ثورة البراءة"

بالمسرح الوطني الجزائري

 

قدم المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطرزي يوم الأربعاء العرض الشرفي لعمل مسرحي جديد بعنوان "بوتي عمر ... ثورة البراءة" من إنتاج الجمعية المسرحية أشبال بعين بنيان بمساهمة المسرح الوطني ومن إخراج محمد عباس إسلام وكتابة لحسين طايلب.

المسرحية الجديدة التي استقيت أحداثها من واقع الثورة التحريرية وبالضبط من معركة الجزائر العاصمة الشهيرة التي خلدها فيلم بنفس العنوان لياسف سعدي أخرجه الايطالي جيلو بورتكورفو. وتقدم المسرحية بورتري للطفل عمر ياسف الشهير لدى أبناء حييه (القصبة) ببوتي عمر أي عمر الصغير الذي استشهد دفاعا عن وطنه في سن الزهور رفقة البطلين حسيبة بن بوعلي وعلي لابوانت على أيدي سفاحي ماسو الذين نسفوا البيت الذين كانوا مختبئين فيه. على مدى 55 دقيقة من الزمن الركحي يسلط هذا العمل الأضواء على المسيرة البطولية للطفل عمر الذي أبدى في سن مبكرة وعيا بوضعية وطنه المستعمر وبمختلف الفوارق التي كانت سائدة بين الجزائريين وأبناء المستعمر بدءا من المدرسة.

وقد استطاع المخرج أن ينقل ذلك الحماس والشجاعة التي تميز بها عمر إلى الركح بفضل موهبة الطفل عبد الحكيم حراث الذي اظهر انفعالا كبيرا مع الدور واستطاع رغم صغر سنه أن يتحمل مسؤولية ذلك الدور المشحون بالانفعالات. وكان حضوره قد طغى على باقي الشخصيات ليحقق بذلك رغبة المخرج في تقديم بورتري البطل. تدور أحداث العرض المسرحي حول حياة ومحيط الطفل عمر الذي تربى وسط أسرة متشبعة بمبادئ الثورة والعمل السياسي حتى قبل اندلاع الثورة المسلحة وكيف ساهم هذا المحيط الأسري وأيضا خصوصيات حي القصبة العتيق قلعة الثوار في إيقاظ الحس الثوري لدى طفل اغتصبت منه البراءة بفعل طغيان وبطش المستعمر. لقد نجح المخرج في اختيار موضوع مساهمة الأطفال في الثورة التحريرية من خلال عمر الذي تختزل قصته براءة كل الأطفال الذين حرمتهم ويلات الحرب وهمجية الاستعمار من عيش تلك المرحلة الجميلة من عمر الإنسان. ولتقريب الأحداث أكثر من المتلقي دعم المخرج الأداء الركحي بصور عن مكان وقوع الأحداث "القصبة"من خلال إطار أقيم خلف الممثلين في شكل غلاف رسالة في إشارة لدور عمر الذي كان يقوم بالربط بين المجاهدين عن طريق الرسائل كما ساهم وجود المغني عبد الرحمان اكروان (الذي وقع موسيقى المسرحية )على الركح وأدائه لاغاني شعبية كانت تردد في تلك الفترة في خلق تواصل على الركح .لكن التركيز على إظهار نضج ووعي عمر وإصراره على الاستشهاد جرد نوعا ما شخصية عمر من مشاعر الطفولة بعكس مشهد واحد عندما جلس البطل في مقدمة الخشبة يبوح عن اشتياقه لامه وإخواته ولاصدقائه، فالبرغم من الشحنة الكبيرة من الأحاسيس والتي نقلها إلى الجمهور الذي تعاطف مع بعض المواقف إلا أن النص جاء مباشرا وخاليا من الرمزية التي تلائم مثل هذه المواضيع ولم تعط الفرصة لخيال المتلقي. شارك في هذه المسرحية التي تعرض في الوقت الذي يحتفل فيه بخمسينية الاستقلال نخبة من الوجوه الجديدة منهم فتحي مكاني الذي تقمص دور المجاهد ياسف سعدي وهو خال عمر(في الواقع) وجعفر بن حليلو في دور علي لبوانت والشابة ماريا عمارة التي مثلت دور حسيبة بن بوعلي إلى جانب الممثل مصطفى علوان رئيس الجمعية المسرحية لأشبال عين بنيان التي تعمل منذ سنوات على تكوين البراعم الشابة في مجال المسرح كما قامت بإنتاج عدة مسرحيات للأطفال .حضر العرض الشرفي الأخ الكبير لعمر محمد أكلي ياسف وأيضا أعضاء من أسرته من بينهم خاله حسين ياسف الذين لم يخفوا تأثرهم لاعادة معايشة على الركح تلك الأحداث التي مر عليها أكثر من نصف قرن مبدين استحسانهم لطرح المسرح لمثل هذه المواضيع الثورية. وأكد حسين ياسف من جهته إعجابه بالممثل عبد الحكيم حراث الذي قام بدور عمر والذي كان حيويا وجريئا فوق الخشبة مما مكنه من إيصال الرسالة إلى الجمهور مذكرا أن عمر كان في الواقع لا يتكلم كثيرا .للتذكير ولد الشهيد عمر ياسف سنة 1945 بحي القصبة بالجزائر العاصمة دخل مدرسة بحي سوسطارة وانقطع عنها وعمره 11. وانضم عمر إلى الثورة وسنه لا يتعدى 13 سنة وكان من مجاهدي حي القصبة العتيق شارك مع رجال في سن والده في حمل الرسائل إلى المسؤولين وكان حلقة وصل بين القائد العربي بن مهيدي وياسف سعدي وباقي الفدائيين.

ف.ش


من نفس القسم الثقافي