الثقافي

مهرجان للشباب أم لديناصورات تريد البقاء في الواجهة إلى أبد الدهر؟

أكثر من سؤال يطرح حول المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب

 

لم يعد يفصلنا سوى يومين عن اسدال الستار عن الطبعة السادسة للأدب وكتاب الشباب التي تحتضنها الجزائر منذ 13 جوان الجاري والتي اختارت "حرر خيالك" شعارا لها . المتأمل في تسمية المهرجان بالأدب وكتاب الشباب يظن انه مخصص بصفة كبيرة للشباب ولكن عند النزول الى ارض الواقع والى المعرض الذي يحتضنه فضاء رياض الفتح يجده عبارة عن مجموعة خيم نصبت من يدري ثمنها مقابل وجود بعض الكتب الموجهة للأطفال. هنا نطرح استفهاما كبيرا حول جدوى هذه التسمية. الامر لم يتوقف هنا بل يتعداه الى اكثر من هذا، فمن يحضر الندوات التي برمجها القائمون على المهرجان والأسماء التي تدير النقاشات والجلسات الادبية يدرك أن اغلبيتهم كبار في السن او بالأحرى من العجائز في الوقت الذي كان يجدر بالمنظمين ادراج الاسماء الشابة في صورة الكتاب والمبدعين الشباب والذين تعج بهم الجزائر والكثير منهم شرفوا الجزائر في العديد من المحافل الدولية. جريدة "الرائد" حاولت استطلاع آراء بعض الكتاب الشباب حول مسألة اختيارات القائمين على المهرجان ولماذا تم تجاهل الاسماء الشابة في الوقت الذي اعتمدت ادارة المهرجان على أسماء تجاوزها الزمن، وما هي معايير الاختيار هل هي الكفاءة ام الموالاة ام المحاباة والقرابات والمصالح الشخصية العليا؟. 

 

 

الإعلامي والكاتب محمد بغداد: 

"المهرجانات لم تضف سوى الإحباط للساحة الثقافية"

كشف الكاتب والإعلامي محمد بغداد أنه مع مرور الوقت وتعدد التظاهرات والنشاطات الثقافية لم تضف سوى تراكم جديد من الفشل والإحباط وتلحق المزيد من الاضرار بالثقافة الوطنية وتشوه صورة البلد كون هذه المهرجانات يضيف بغداد "ما زلنا نراهن على النشاط الثقافي ونتجاهل رهان الفعل الثقافي زيادة على ممارستنا للإقصاء والتهميش للأجود والأروع والأفضل فينا لأن ممارسة النخب المغشوشة للهيمنة الثقافية هي التي تدفعنا الى انتاج صورة بغيضة عن انفسنا ونصدرها للأجيال القادمة وللآخرين". وقال صاحب النزعة الانقلابية في الاحزاب الجزائرية إن المواعيد الثقافية أصبحت تتميز بخاصيتين أساسيتين أولهما العصبوية من خلال سيطرة مجموعة معينة ذات انتماء ايديولوجي أو لغوي أو ثقافي أو مصلحي، فتعمل على إقصاء كل من يخالفها أو يختلف معها وتكرس الاحادية وتسعي إلى الاعتماد على السيئ والقبيح والفاشل من أجل تكريس رؤيتها واستمرار هيمنتها، وثانيهما الاصرار على السير في طريق اقامة نشاطات الهدف منها المزيد من الثراء والزبائنية لمجموعة من الافراد بدون ان تكون هناك اهداف وطنية ثقافية او فكرية لهذه النشاطات. وأضاف بغداد في نفس السياق "ولهذا فإننا نجد اليوم مواعيدنا الثقافية عبارة عن نسخة طبق الاصل للطبعات السابقة فهي تكرر نفسها بطريقة مبتذلة ومملة الى درجة انها تكون في بعض الاحيان مجرد مواعيد تنتهي بانتهاء مراسيم الافتتاح الرسمي لها والأكثر من ذلك الحرص الشديد على إقصاء الوجوه الجديدة وبالذات من شباب المناطق الداخلية من الوطن كونهم خارج ادارة اهتمام الذين يسيطرون على هذه النشاطات التى يفترض ان تكون وطنية وشاملة لكل الابداعات الجزائرية والتى تعاني في صمت بعيدا عن كل اهتمام جدي ومحترم". ومن جهة اخرى كشف بغداد أن بهذه النشاطات نسعى الى الحد من عدم تجدد النخب ونحرص على تبليغ رسالة مفادها اننا أمة عاقر ولا مستقبل لنا كون العصب المهلهلة تحرص على بقاء احتكار الساحة لها وهي تبذل قصارى جهودها حتى تطرد الناس من ساحتها وتبقى هي المستفيد الوحيد من الريوع وفي نفس الوقت لا تقدم إلا القبيح. 

 

الشاعر بغداد السايح:

"الرؤية المستقبلية في هذه المهرجانات غائبة" 

قال الشاعر بغداد السايح إنه لا يسمع كثيرا عن المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب الذي يقام سنويا ولكنه لا يسمع عنه الشيء الكثير المثير في ذلك أن الرؤية المستقبلية غائبة فلا أهداف واضحة ولا خدمة حقيقية للشباب وأدبهم.. رغم وجود الكثير من الأسماء الأدبية الشبابية إلا أن هذا المهرجان صار يصطبغ بأدب الشيوخ أو لنقل هو مهرجان الديناصورات التي تريد البقاء في الواجهة إلى أبد الدهر.. ويظن بغداد السايح أن المهرجان بحاجة إلى ضخ دماء جديدة نقيّة بوضع محافظة له تعرف قيمة الأديب الشاب وأضاف يقول " ... الكثير من الأدباء الشباب في الجزائر لا يسمعون عن هذا المهرجان إما لتغييبهم المتعمّد أو لعدم تواصل، وفي اعتقادي يظل هذا المهرجان باهتا لا طائل منه ما دام لم يأت بنتائج ملموسة مع تكرر الطبعات والملل الذي يصبغها". وأكد الشاعر أنه

ليس غريبا أن يجترّ المهرجان نفس الأسماء كل سنة ذلك أن البعض ينفخ ذاته كثيرا ويتصور نفسه يتسع وحده لأدب الشباب ... الاشكالية في نفسية بعض المحسوبين على الثقافة حين تفرضهم قوى النفوذ... كما يحدث حاليا مع جائزة علي معاشي التي تفرض فيها أسماء لجنة التحكيم فرضا فقط لأنهم في مديريات الثقافة... أعتقد أن على الوزارة النظر أبعد من ذلك وتوكيل الأمور إلى مستحقيها".

 

الروائي سمير قسيمي:

لم ينجز الكتاب الشباب أي شيء يمكنهم من المشاركة في المهرجان 

اختلف الروائي سمير قسيمي في طرحه حول تهميش الكتاب الشباب في هذا المهرجان وقال " في رأيي الشخصي، تعد هذه الطبعة من أنجح الطبعات لاسيما من خلال مواضيع الندوات ونوعية الضيوف العرب والغربيين". أما بالنسبة للمشاركة الجزائرية من شباب الكتاب، فيرى قسيمي أن الالتفات إلى هذه الفئة لا يكون تحصيل حاصل. وأضاف يقول " في رأيي لم ينجز الكتاب الشباب أي إنجاز عربي هذا الموسم يمكن إدراجه في صنف "النجاح"، لا سيما وأن المهرجان يحمل صفة العالمية ولا يفترض دعوة أيا كان مثلما حدث منذ سنتين حين تمت دعوة مجموعة من الشعراء والكتاب من ذوي المستويات المتواضعة من الجزائر ومن مختلف الجنسيات الأخرى، حتى اختيار قويدري مثلا لم يأت من باب نجاح حققته بل من باب أنها صوت نسوي ومن باب "اللباقة" لا غير على اعتبار أنها أنثى". ويعتقد الروائي سمير قسيمي أنه علينا تجاوز عقدة "شاب وغير شاب" إلى ما هو أرحب، بمعنى طرح السؤال "ماذا حققت لأدعي" هذا هو المهم، كما أن مهرجانات ثقافية أخرى غير مهرجان أدب الشباب تقوم بتجاوزات رهيبة ولا يتم تناولها حتى بالنقد على غرار مؤسسة المسرح ومهرجاناتها وكذا محافظة الصالون الدولي للكتاب على مستوى المدعوين وكذا نوعية الأداء والأخطر الكيل بمكيالين كلما تعلق الأمر بالكتاب الجزائريين.

 

الشاعر نصر الدين حديد:

"مهرجان كتاب الشباب استحدث من أجل المتاجرة في الخيم" 

 قال صاحب المرتبة الاولى في جائزة علي معاشي لهذه السنة الشاعر نصر الدين حديد إن المنظمين لمهرجان الأدب وكتاب الشباب يفاجئوننا بخرجات جديدة، فهذه التظاهرة استحدثت للمتجارة بالخيمات التي توفر محافظة المهرجان ميزانية جديدة لها في كل سنة، ويعاد نصب نفس الخيمات التي تم نصبها في الطبعات الماضية، هذا المهرجان الذي من المفروض أن يعتني بأدب الشباب ركز كثيرا على كتب الأطفال، وكان عليهم تسمية التظاهرة بمهرجان الأدب وكتاب الطفل، بعدما تحولت ساحة التظاهرة إلى معرض لكتاب الأطفال الخاصة بالتلوين والقصص وبيع الأقلام الملونة والعجين والقريصات والخشيبات. وتساءل حديد: "هل هذا ما يقصدونه بكتاب الشباب؟ لا أدري أي مخيلة يملكها المنظمون". وأضاف الشاعر نصر الدين حديد "في العام الماضي رفعت التظاهرة شعار "حرر خيالك"، ولا أدري لماذا لم يحرر هؤلاء المنظمون خيالهم لابتكار شعار جديد للتظاهرة، وكأن الأمر يتعلق بمعجزة لا يمكن تحقيقها، نستطيع أن نتفهم أن تظل خيمات التظاهرة على حالها، ولكننا لا نستطيع أن نتفهم أن يبقى الشعار هو نفسه شعار العام الماضي، لقد شاهدنا في طبعات سابقة كيف روجت التظاهرة كتب "المونغا" الخاصة بالمراهقين بقوة، وكانت تحمل صورا خليعة وتروي قصصا جنسية، في مهرجان الأدب يوجد كل شيء  إلا كتاب الشباب".

فيصل شيباني

من نفس القسم الثقافي