الثقافي

"الجوائز هي الوحيدة القادرة على إنصاف وتثمين المبدع"

الشاعر نصر الدين باكرية للرائد:

 

 

كشف الشاعر الجزائر نصر الدين باكرية في تصريح لجريدة "الرائد"، أن مشاركته في برنامج أمير الشعراء جاءت بعد عزوفه عن المشاركة في المواسم السابقة نتيجة لعدم اتضاح الرؤية تجاه هذه المسابقة، وتحفظه عن آلية الرسائل القصيرة في محاكمة الشعر والاحتكام إليها باعتبارها مسيئة في نظره للشعر.

 

وأضاف باكرية أنه كان ينظر لمسابقة أمير الشعراء على أنها مسابقة شعرية بحتة لثقل الأسماء التي تضمها لجنة التحكيم، ولكنه حين بدأت يقارب المسألة من زاوية أنها مسابقة شعرية تلفزيونية لا ينبغي أن تستخف بالمشاهد وتحيده في عملية التلقي بات أكثر تفهما للمسألة واكتشف سطحية النظرة والزاوية التي كنان ينظر من خلالها، وبناء على هذه القناعة الجديدة -يضيف باكرية- جاءت مشاركته في البرنامج. وفيما يخص الجوائز قال نصر الدين باكرية إن الجوائز بصورة عامة بغض النظر عن مصداقيتها من عدمها وعلى اختلاف درجات المصداقية طبعا في الجوائز، فهي جزء مهم في مسيرة أي كاتب، لأنها الوحيدة القادرة على إنصاف وتثمين جهده، ولو معنويا في مجتمعات لا تعترف بجهد الكتابة والإبداع ومغيب فيها عن سبق اصرار وترصد.. لأسباب سياسية معروفة ولخشية السياسي من المثقف بصورة عامة مما يجعل هناك تحييدا وتهميشا للنخب في العالم العربي القائم على صنع نماذج مشوهة من مطربي كاباريهات ورياضيين لا يملكون إلا أرجلهم الطويلة وعقولهم القصيرة جدا، مما يجعل الشد والجذب –حسب باكرية- قائما على مدار عقود وربما قرون من التهميش والصراع الخفي أحيانا والجلي في أحايين أخرى. وعن أهمية الجوائز بالنسبة للمبدع والإضافة التي تقدمها له، قال الشاعر نصر الدين باكرية إن مسابقة أمير الشعراء بفضل الاحتفائية الاعلامية والزخم الترويجي الذي يتبعها ويسبقها فهي تختصر على الشاعر سنوات وعقود من الظل، وبإمكانه أن يحقق في موسم ممتد على مدار شهرين أو ثلاثة ما لا يستطيع تحقيقه طيلة عمره الإبداعي، وأضاف يقول:

"في الجزائر كما في كثير أو اغلب الدول العربية لا يوجد تثمين ولا حوافز لمواصلة الإبداع الفني والأدبي بسبب ما ذكرته آنفا من محاولات تقزيم وتهميش المبدع، وهي أهم معوقات الاستمرارية والمواصلة في ميدان الإبداعية نتيجة الانهزامية والإحباط التي تصيب أي مبدع يتكبد جهد الإبداع ويقابل بالنكران من جهة ويعيش في بيئة تغيب فيها تقاليد ثقافية بل حتى الأبجديات الأولى للثقافة واستمراريتها، فدور الثقافة مجرد هياكل مناسباتية لا روح فيها ودور النشر مجرد سجلات تجارية لبيع المواد الواسعة الاستهلاك على حساب صحة المستهلك الثقافية، ولا توجد آفاق لتغير الأوضاع رغم الكثير من النشاطات التهريجية وقليل من الأشياء الجادة وما لم تكن هناك -في اعتقادي- إرادة سياسية حقيقية لصناعة نموذج نخبوي بتثمين الجهد الثقافي، ومادمنا نستثمر في النخب الدينية المغشوشة والمسوخ الأخرى فلا اعتقد أن الثقافة ولا المجتمع ولا السياسة أيضا ستكون بخير في القريب من العقود القادمة". وأضاف الشاعر في معرض حديثه عن الأنظمة القائمة قائلا: "هناك أمر آخر في غاية الأهمية ولن يغتفر للنظام القائم الذي استثمر في الحركات الدينية من سلفيين وإخوان وطرق صوفية على حساب المثقفين والمبدعين، مما سيؤدي بالمجتمع الجزائري إلى الطائفية المقيتة لأن كل الحركات الدينية تعتقد بتكفير الآخر وبامتلاكها الحقيقة المطلقة وعلى الالغائية والاقصائية، وكل هذه العوامل بوادر خطر محدق بالمجتمع الجزائري رغم تغييبه عن النقاش السياسي والثقافي وأنا أدق ناقوس الخطر تجاه هذه القنبلة الموقوتة". وفي سياق آخر حول تجربته الإبداعية، اعتبر نصر الدين باكرية أن تجربته غير مكتملة وأن جيله من الشعراء الشباب يحاولون تأثيث تجاربهم بالنهل من كل معين، فكما استفاد من التجربة الصوفية ينهل أيضا من التجربة الإعلامية على فداحتها. وأضاف باكرية قائلا "وبالمحصلة لا استند حقيقة إلا للحظة الشعر بصدقيتها العالية وبكل ما تحويه من براءة وخبث اللحظة الشعرية باليقين واللايقين في الوقت ذاته. وعن مشاريعه الأخيرة، كشف نصر الدين باكرية أنه تعمد تأخير إصدار ديوانه الجديد الموسوم بـ "كأن المجاز المجاز" لما لقيه الديوانان الأولان من لامبالاة وانعدام توزيع، ولكنه الآن بعد مشاركته في مسابقة أمير الشعراء أكثر من عشرة عروض من دور نشر جزائرية وعربية محترمة لنشر " كأن المجاز المجاز" وهو ديوان أغلب قصائده قصيدة ومضة. وأضاف الشاعر بأنه على الأرجح سينشره في إحدى دور النشر اللبنانية أو الإماراتية، مضيفا في نفس السياق بأنه سيكون تجربة مختلفة جدا وسيصنع مفاجأة حقيقية في المشهد الشعري الجزائري.

فيصل. ش 

من نفس القسم الثقافي