الثقافي

الشخصية المسرحية الملهمة للشباب المبدع

الفنان المسرحي عبد القادر علولة

   سيبقى المسرحي الراحل عبد القادر علولة (1939-1994) الذي تمر الذكرى 28 على اغتياله بوهران مصدر إلهام للشباب الهاوي لفن الخشبة، باعتباره شخصية مسرحية شاملة نادرة جددت نفس الركح بلمسة تراثية جزائرية. 

   "لا يزال الشباب سواء الذين عرفوا عبد القادر علولة من قريب أو من بعيد يقتفون آثار هذا الفنان الذي يعتبر من قامات المسرح الجزائري ويستلهمون من تجربته الفنية الفريدة التي أدخلت الجمهور في متعة بصرية جددت نفس الركح بلمسة تراثية جزائرية"، حسبما أكده مسرحيون أصبح لهم صيت في الفن الرابع بفضل دعمه لهم.

   و كان المرحوم، الذي تعرض للاغتيال من قبل جماعة إرهابية في 10 مارس 1994 و توفي بعد أربعة أيام، " قريبا من الشباب و كثير الاحتكاك بهم يشجعهم على الكتابة و الإخراج و التمثيل، إذ أصبح الكثير منهم فيما بعد فنانين معروفين"، كما أبرزته أرملة الفنان، رجاء علولة.

  و أضافت أن تعاونية مسرح "أول ماي" التي أسسها علولة، " تضم شباب قدم عروضا في ساحات المؤسسات التربوية لفائدة التلاميذ كانت ناجحة بامتياز"، كما قالت رئيسة مؤسسة "عبد القادر علولة"، أن زوجها الراحل كان حاضرا باستمرار في مهرجان مسرح الهواة بمستغانم، "حيث يوجه الفرق الشابة و يقدم لهم الإرشادات و كانوا بدورهم يقرؤون نصوصهم المسرحية عليه قبل إخراجها و تجسيدها على الخشبة للاستفادة من آرائه و يتناقشون أيضا حول النص و في مسائل فنية و حول الفرق بين العمل المسرحي و النشاط المسرحي".

  و على الرغم من مرور قرابة ثلاثة عقود عن رحيل علولة الذي يطلق عليه الوهرانيون "أسد وهران"، فان "أعماله المسرحية لا تزال محبوبة عند الشباب و تلقى اهتماما كبيرا من طرفهم و تعد أيضا مصدر إلهام لهم و مرجعا للباحثين الشباب التي تستقبلهم المؤسسة و تمدهم بكل ما يساعدهم في إنجاز بحوثهم"، تضيف السيدة علولة.

  و من جهته، أكد المخرج المسرحي محمد بلفاضل، الذي يعتبر من المسرحيين الشباب الذين عاصروا الفنان أن علولة، كان يرافق الفرق المسرحية الناشئة، التي برزت في سنوات الثمانينيات و التسعينيات من القرن الماضي على غرار "مسرح عمال وهران" التابعة للجمعية الثقافية "الآمال" و"حمو بوتليليس" و"ابن سينا" و" النجوم" والتي كانت بمثابة مشاتل في صناعة نجوم في المسرح بوهران.

   كما كان المسرحي عبد القادر علولة "، يشجع كل مبادرات الشباب في مجال الفن الرابع و كانت أعماله نموذجا تسير على نهجه جميع الفرق بوهران و بولايات أخرى الوطن، حيث كان يتميز بتقنية رائعة في تجسيد العمل المسرحي من جميع النواحي و استطاع أن يوفق بين التمثيل المسرحي و التأليف و الإخراج"، كما أكده بلفاضل.

  و ذكر المخرج المسرحي محمد ميهوبي، أن الفنان عبد القادر علولة " هو الذي دفعني إلى ممارسة العمل المسرحي، كان يدعم الشباب و سخيا مع الفرق المسرحية الشابة، حيث كان يحضر العروض العامة للمسرحيات المنتجة من طرف الجمعية الثقافية الآمال".

  و قال ميهوبي، الذي يعد رئيس الجمعية المذكورة " لقد تعلمت من علولة بأن الفنان قبل أن يكون فنانا يجب أن يكون مثقفا و استفدت كثيرا من تجربته الفنية في مجال المونودراما، حيث أن عمله "حمق سليم"، هو الذي حفزني أن أخوض تجربة هذا النوع من الفنون وأنتج مسرحية "النار في عمارتنا".

   و من جانبه أشار المسرحي سمير زموري، إلى أنه اكتشف لأول مرة من خلال أعمال عبد القادر علولة الشكل المسرحي للحلقة في إطار العلبة الايطالية "، مما جعلني أبادر بترجمة مشاهد من مسرحية "جلول الفهايمي" إلى اللغة الأمازيغية التي تم عرضها بالمسرح الجهوي لوهران عدة مرات و ترجمت أيضا مسرحتي الأجواد و التفاح، فضلا عن تقديم قراءة درامية لمسرحيتين بمسرح بجاية".

   و قد درس عبد القادر علولة الذي ولد بالغزوات (تلمسان) الدراما و فنون العرض بباريس (فرنسا) قبل أن يشرع في ممارسة المسرح في خمسينيات القرن الماضي و سطع نجمه بعد الاستقلال وصار أحد أعمدة الفن الرابع، كما كان سباقا رفقة الراحل ولد عبد الرحمان كاكي بإدخال شخصية "القوال" الذي تعتبر العلامة الأبرز في مسرح "الحلقة".

   و يزخر الفقيد الذي كان مديرا للمسرح الجهوي بوهران في عام 1972 و نجح في توظيف التراث الشعبي برصيد من الأعمال الفنية الرائعة أشهرها ثلاثية "الأقوال" والاجواد" و"اللثام" و"حمق سليم" و"التفاح" و"الخبزة" و"أرلوكان خادم السيدين".

من نفس القسم الثقافي