رياضة

تدهور مستمر تعيشه كرة السلة بولايات غرب البلاد

يحن عشاق كرة السلة في وهران إلى الزمن الجميل الذي كان يصنعه فريقا الجمعية وبعدها المولودية المحليتين إلى غاية سنوات الثمانينيات قبل أن تعرف هذه الرياضة اضمحلالا كبيرا منذ أن تم حل الفرعين في الناديين المذكورين, لتواصل الكرة البرتقالية الوهرانية في التراجع، ولعل ما يؤشر إلى التدهور المستمر لهذه الرياضة بعاصمة الغرب الجزائري هو أن الولاية تفتقد لأي ممثل لها في البطولة الممتازة منذ عدة سنوات, وهو ما يتأسف له هواة هذا الاختصاص بصفة خاصة والرياضيون عموما بالجهة.

ولم تحفز هذه الحقيقة المرة عائلة السلة الوهرانية في السعي لبعث هذه الرياضة أملا في مساعدتها على استرجاع مجدها الضائع, وهو الأمر الذي تسبب في تواصل أفول نجم الكرة البرتقالية بالمدينة في ظل الحسرة الكبيرة التي تنتاب ممارسيها وهواتها على حد سواء، ومن سوء الصدف أن يتزامن الانهيار "المبرمج" لكرة السلة الوهرانية مع وضعية مشابهة إلى أبعد الحدود لرياضات جماعية أخرى بالولاية كانت بمثابة خزان من المواهب التي كانت تدعم في الماضي مختلف المنتخبات الوطنية في هذه الاختصاصات, مثلما يتأسف له المتتبعون.

وما يؤكد هذا التراجع الرهيب أيضا هو غياب أي فريق في كرة اليد من وهران في ساحة حظيرة النخبة, سواء بالنسبة لفئة الرجال أو السيدات منذ فترة. وحتى المولودية المحلية التي سطع نجمها على الصعيدين العربي والإفريقي في سنوات الثمانينيات, خسرت منذ مدة هذه المكانة المميزة التي كانت تحظى بها.

هذا المصير يشبه تماما ذلك الذي لقيه فريق جمعية وهران الذي تألق في سنوات الستينيات عندما كان يسيطر بالطول والعرض على ساحة كرة السلة الوطنية وحتى الإفريقية باعتبار أنه شارك في عدة منافسات قارية واستطاع أن يقف الند للند أمام عمالقة السلة الافريقية، لكن سنوات المجد سرعان ما انتهت لتترك مكانها لمصير قاتم لقته تشكيلة ''المدينة الجديدة'' بعد أن تم حل فرع كرة السلة, وسط ذهول أنصار هذا الفريق وعموم الرياضيين الوهرانيين الذين وجدوا في تألق النادي الجار, مولودية وهران, الذي استلم المشعل الوهراني من ''الجمعاوة'', ما خفف وطأة الألم باعتبار أن ''الحمراوة'' سرعان ما فرضوا وجودهم وواصلوا تمثيل الكرة البرتقالية الوهرانية أفضل تمثيل.

غير أن القدر شاء أيضا أن يندثر فرع كرة السلة لهذا النادي بعد أن قامت إدارة الأخير, في عهد الرئيس الراحل قاسم بليمام, بحله على خلفية المشاكل المالية الكبيرة التي كان يتخبط فيها سيما بعد انسحاب الشركة الراعية والمتمثلة في مؤسسة ''نفطال''، وكانت آنذاك بداية تهاوي غير مسبوق لكرة السلة في وهران, حيث لم تتمكن من يومها أية جمعية رياضية بالولاية من تكرار إنجازات الجمعية والمولودية ولا إعادة عشاق هذه الرياضة بقوة إلى مدرجات قصر الرياضات ''حمو بوتليليس'' مثلما كان يفعل ''الجمعاوة'' ومن بعدهم ''الحمراوة''.

وحتى الآمال التي كانت معلقة على جمعية البريد والمواصلات ونادي وهران سرعان ما تلاشت في ظل الفشل الذريع الذي يلازم الفريقين الناشطين في الدرجة الثانية طيلة عدة سنوات. فالناديان أديا موسما آخر سيئا, ما قد يكلفهما النزول إلى القسم الأسفل في حال استئناف المنافسة المتوقفة بسبب جائحة ''كوفيد-19''، والواقع, وعند البحث عن أسباب هذه الوضعية غير المشرفة لكرة السلة الوهرانية, فإن الناديين يجتمعان في ردها إلى نفس الأسباب, وفي مقدمتها نقص الإمكانيات المالية والبيداغوجية إلى درجة أن الناديين يجدان صعوبة كبيرة في العثور على قاعة للتدريب واستضافة منافسيهما في المباريات الرسمية.

ناديان أمام مستقبل مجهول

 ولعل الذي يطرح أكثر من نقطة استفهام في هذا المجال, ما آل إليه نادي البريد والمواصلات الذي كان في الماضي القريب من أفضل الأندية الجزائرية هيكلة, بفضل الدعم الخاص الذي يلقاه من المؤسسة الوطنية التابع لها, مثلما يدل عليه امتلاكه لمركب رياضي بحي "الحمري", ترعرع فيه عدة أبطال في مختلف الاختصاصات ولكنه يتواجد حاليا في وضعية يرثى لها، ويعترف رئيس النادي, هواري بناصر, نفسه بنهاية ذلك العهد, متأسفا لكونه أضحى اليوم يصارع من أجل الاحتفاظ بما تبقى من فروع الجمعية وفي مقدمتها فرع كرة السلة, الذي يعيش هذا الموسم ظروفا صعبة ميزتها الإضرابات المتكررة للاعبين على خلفية مطالبتهم بتسوية أجورهم المتأخرة.

والأكيد أنه في مثل هذه الأوضاع, لا يمكن انتظار أكثر من ضمان البقاء في الدرجة الثانية من هذا الفريق أو جاره, نادي وهران لكرة السلة, على حد تعبير هواري بناصر، وتلخص المشاكل التي تواجه ممثلي وهران في القسم الوطني الأول لكرة السلة, واقع هذه الرياضة بعاصمة الغرب الجزائري, فضلا عن الإهمال المتواصل للرياضة المدرسية التي كانت أفضل ممون للفرق الوهرانية بالمواهب الشابة في الماضي القريب، وأضحت العودة إلى الواجهة أكثر من ضرورة لكرة السلة الوهرانية مع اقتراب المدينة من احتضان الألعاب المتوسطية في صائفة 2022, مثلما يأمله عشاق هذه الرياضة بالمنطقة, وهو الرأي الذي يشاطره أيضا رئيس الاتحادية الجزائرية للعبة, رابح بوعريفي, الذي تأسف في تصريح سابق ل/وأج لهذه الوضعية، وقال في هذا الشأن : "كانت السلة الوهرانية حاملة مشعل هذه الرياضة في الجزائر بفضل خزانها الثري بالمواهب الذي سمح بتألق أنديتها. أعتقد أن الصراعات الشخصية هي التي ساهمت في وصول الأوضاع إلى ما هي عليه".

من نفس القسم رياضة