رياضة

عطّال أحد أبرز المواهب الجزائرية بالسنوات الماضية

تكوين اللاعبين الجزائريين.. طفرة مؤقتة أم بوادر نجاح مرتقب؟

عاشت كرة القدم الجزائرية منذ الاستقلال مراحل متباينة بين صعود ونزول في النتائج والعطاء، سواء على مستوى الدوري أو منتخب "محاربي الصحراء"، وذلك لعدّة أسباب، رياضية كانت أم اقتصادية وحتى سياسية.

خلال كلّ تلك المراحل السابقة، تم الاعتماد على منهجين أساسيين كانا قد ارتبطا بتألق أو تراجعٍ للكرة والمنتخب الجزائري، بعدما تمّ التركيز على لاعبين من خريجي الدوري المحلي خلال فترة، إضافة إلى أنه كان قد تمّ الاعتماد على مزدوجي الجنسية الذين أخذوا تكويناً في المدارس الأوروبية والفرنسية على وجه الخصوص.

بغضّ النظر عن فريق جبهة التحرير الذي كان أول ممثلٍ للجزائر في ظروف خاصة، فإن العائد لنجاحات الكرة الجزائرية خلال السبعينيات والثمانينيات سيرى أن ذلك كان بفضل العمل القاعدي والتكوين، الذي سطرته الدولة الجزائرية ضمن برنامج "الإصلاح الرياضي"، الذي أمر به رئيس الدولة الراحل هواري بومدين، وهو ما سمح حينها ببزوغ مدارس رياضية، على غرار تلك التي كانت في أندية نصر حسين داي، وغالي معسكر ورائد القبة، وسمحت بظهور أسماء للاعبين أصبحوا أساطير على ساحة كرة القدم الجزائرية، من بينهم الرباعي رابح ماجر، شعبان مرزقان ولخضر بلومي وصالح عصاد، الذين سطعت أسماؤهم، خاصة في بطولتي كأس العالم 1982 و1986.

أما في الماضي القريب أو في آخر 10 أعوام على الأقل، فإن نجاح المنتخب الجزائري بالخصوص، ارتبط بلاعبين جزائريين من مزدوجي الجنسية الذين أخذوا تكويناً كروياً في أحسن المدارس الفرنسية، إذ كانت البداية الفعلية لانتهاج هذه السياسة مع الثلاثي عنتر يحيى وكريم زياني ومجيد بوقرة، رغم أن هناك لاعبين سبقوهم إلى ذلك، على غرار المدير الفني الحالي لـ"الخضر"، جمال بلماضي، وعلي بن عربية ونصر الدين كرواش، وقبلهم حليم بن مبروك ورشيد حركوك وغيرهم، وجميعهم من مواليد فرنسا وبلجيكا وأخذوا تكوينهم في المدارس الكروية الأوروبية.

سياسة الاعتماد على لاعبين من أصحاب الجنسيات المزدوجة التي رغم أنها أعطت للجزائر لاعبين مميزين، على غرار نذير بلحاج، مراد مغني، حسان يبدة، سفيان فيغولي ورياض محرز وياسين براهيمي وإسماعيل بن ناصر، والذين ساهموا في تألق الجزائر في بطولتي كأس العالم 2010 و2014 والفوز بأمم أفريقيا 2019، إلا أنها فتحت باباً للجدل أمام دور الأندية المحلية في تكوين اللاعبين وخدمة المنتخب، وهذا بالموازاة مع تراجع رهيب عاشه الدوري المحلي، باستثناء بعض الأسماء التي تعد على أصابع يد الواحدة.

ووسط تلك المشاكل التي تمرّ بها الأندية الجزائرية على مستوى التكوين القاعدي، يظل نادي بارادو الحالة الشاذة التي من الممكن أن يطلق عليها وصف الشجرة التي تغطي ضعف التكوين، بعدما ظهرت هذه المدرسة مع اختفاء أخرى كان يضرب بها المثل، على غرار نصر حسين داي، ورائد القبة الذي يعاني من مشاكل مالية وإهمال جعله يُصارع على البقاء في درجات دنيا.

ومهما اختلفت الأسباب التي جعلت تلك الأندية تعجز عن تقديم مواهب جديدة، بغض النظر عن الأسماء التي تظهر من وقتٍ لآخر، مثل إسلام سليماني وهلال العربي سوداني، إلا أنها اجتمعت على سياسة العمل على إرضاء الجماهير عبر البحث عن النجاح المؤقت، بحيث تم الإسراف في صرف أموال طائلة على لاعبين يسمون على الورق "نجوماً"، لكنهم عجزوا في المقابل عن كسب مكانة مع المنتخب أو الظفر بعقود احتراف خارجية.

في المقابل، يسير نادي بارادو بسياسة مختلفة عن الأندية الجزائرية الأخرى، إذ قرر الرئيس الحالي لاتحاد الكرة الجزائري، خير الدين زطشي، أخذ المبادرة لإطلاق أول مدرسة لتكوين اللاعبين في الجزائر، وكانت البداية بإنشاء الفريق عام 1994 ثم إطلاق أكاديميته بالاشتراك مع المختص الفرنسي الشهير جان مارك غيو، عام 2007، الذي قام بنشر مشاريعه في عدة بلدان أفريقية.

ووصل صيت أكاديمية نادي بارادو إلى أوروبا، من خلال العديد من الدورات الكروية التي شاركت فيها، خاصة بإسبانيا، بعدما وقع رئيسها السابق خير الدين زطشي على اتفاقية تعاون رياضية مع نادي فياريال.

ويبرز في واجهة الأسماء التي مهدت لها هذه الخطوة الانتقال إلى القارة العجوز نجم نيس الفرنسي يوسف عطال، الذي أصبح أحد أحسن اللاعبين في مركزه بالدوري الفرنسي ومطلوباً عند كبار أندية "القارة العجوز"، إضافة إلى زميله هشام بوداوي، الذي يُعتبر أغلى صفقة تحويل من الدوري الجزائري إلى أوروبا مقابل 4 ملايين يورو، وآخرين من خريجي أكاديمية نادي بارادو، على غرار لاعب بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني رامي بن سبعيني وثنائي أنجيه الفرنسي هيثم لوصيف وفريد الملالي، وهو برهان جديد على وجود خزان هائل من المواهب الكروية في القطر الجزائري قادرة على تفجير قدراتها الهائلة عندما تتوفر الظروف المناسبة، كما أنه نهج سمح كذلك بذرّ مبالغ مالية هائلة على إدارة نادي بارادو، جعل فئة واسعة من الجماهير الجزائرية تصف ما حدث بـ"الصفعة" للأندية الأخرى، التي تحظى بشركات تمويل وميزانيات ضخمة، لكن دون أي نتيجة تستحق الذكر.

وتأمل الجماهير الجزائرية ألا تتوقف عملية التكوين وأن تنحصر في نادي بارادو فقط، بعد أن ثبتت نجاحها خلال آخر 3 أعوام على الأقل، خاصة أن ما يزيد من حجم التفاؤل هو المشروع الذي أطلقه رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم العام الماضي، من خلال إنشاء خمسة مراكز تكوين في مختلف المقاطعات بالجزائر، وهو ما تمت المصادقة عليه من قبل أعضاء اتحاد الكرة قبل فترة من الآن، ما قد يساهم في خدمة الكرة الجزائرية.

من نفس القسم رياضة