الثقافي
ماري جوزيه موندزان: قراءة متقطّعة لكافكا
موندزان من مواليد الجزائر العاصمة لأسرة ذات أصول بولندية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 22 فيفري 2020
لا تزال مدوّنة فرانتس كافكا (1883 - 1924) تفتن القرّاء، ومنهم النقّاد والباحثون في شتى المجالات المعرفية، إذ لا تقف مواطن الإبداع فيها عند الأسلوب أو طرافة العوالم والحكايات، بل تمتدّ إلى البحث في إشكاليات حضارية ونفسية وجمالية عديدة، حتى أن تيارات فكرية وُلدت بعد رحيل الكاتب التشكيلي، مثل ما بعد الحداثة والديكولونيالية، تجد في نصوصه تقاطعات وصلات عميقة.
"كاف مثل كولوني: نزع الاستعمار عن المخيّلة" عنوان كتاب صدر مؤخراً للكاتبة الفرنسية ماري جوزيه موندزان (1942) عن منشورات "لا فابريك"، وهو عمل تقدّمه اليوم في "مكتبة مصر الصغيرة" في باريس بداية من السابعة مساء.
تخرج المؤلفة في هذا الكتاب عن اختصاصها في فلسفة الفن والصورة لتذهب إلى الأدب، وقد اعتمدت في كتابة عملها على نفَس أدبي ذاتي؛ حيث تشير إلى علاقات الذهاب والإياب التي حدثت بين بحوثها الأكاديمية حول تاريخ الفن والمتفرّج وعلاقة الاقتصاد بالإنتاج الفني ونصوص قرأتها لكافكا، تاركة إشارات حولها تمثّل نواة عملها الجديد.
تشير موندزان في تقديم كتابها إلى وجدت في قصة "مستعمرة العقاب" الكثير من النقاط التي تقاطعت معها مسيرتها البحثية، ولذلك فإن هذا النص محوريّ في العمل، كما تشير إلى أنها واصلت قراءة كافكا وفي كل مرة كانت تسحبها من عوالمه مشاريع بحثية عليها أن تتمّها، ومن موقع اليوم ترى أنه يمكنها أن تقلب الآية فتجد أن ما كتبته كان يرسم سيرة قراءة متقطّعة لكافكا.
من منطلق تجربتها في تلقّي الفنون البصرية، تقترح المؤلفة محاولة لفهم متعة قراءة نصوص كافكا، حيث تركّز هنا على بعدين؛ الأول جمالي والثاني ما تسمّيه بالبعد الديكولونيالي، ويتمثّل في توفير أدوات للقارئ كي يتحرّر، أو على الأقل كي يقاوم، إكراهات العالم الذي يعيش فيه.
من مؤلفات موندزان الأخرى: "الصورة الطبيعية" (1995)، و"الصورة، الأيقونة، الاقتصاد" (1996)، و"فان غوخ أو الرسم باعتباره مصارعة ثيران" (1996)، و"هل تستطيع الصورة أن تقتل؟" (2002)، و"تجارة النظرات" (2003)، و"هومو سبيكتاتور" (2007).
يُذكر أن موندزان من مواليد الجزائر العاصمة لأسرة ذات أصول بولندية. كان والدها سيمون موندزان فناناً تشكيلياً وعضواً في ما عُرف بـ"مدرسة باريس". بدأت مسارها البحثي ضمن علم الاجتماع قبل أن تُخصّص مؤلفاتها للفن، إضافة إلى نشاطها ضمن الحركات الاحتجاجية في السنوات الأخيرة.