الثقافي

"متلازمة ميدان تيانانمن": المثقف العربي على المحك

شهيرة هي الصورة التي يقف فيها أحد المتظاهرين الصينيّين أمام مجموعة دبابات ضمن مظاهرات ساحة تيانانمن سنة 1989 في العاصمة الصينية بيكين، حين كان الطلبة الصينيون يطالبون جهاز دولتهم بتوفير الحريات لهم. تحوّلت تلك الحركة إلى مقياس يحدّد درجة وقوف المثقفين في وجه القمع السياسي، وبالتالي درجة وقوفهم إلى جانب الديمقراطية.

يقف كل من الباحثين عمرو عثمان ومروة فكري في كتابهما المشترك "المثقف العربي ومتلازمة ميدان تيانانمن"، الصادر مؤخراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، عند هذه النقطة من خلال تساؤل حول معاناة المثقف العربي في خضم الصراع من أجل الديمقراطية في بلاده.

يقود هذا التساؤل إلى أسئلة متعدّدة مثل: ما نظرة المثقفين العرب إلى أنفسهم في مقابل باقي أفراد المجتمع؟ ما فَهْم المثقفين العرب للديمقراطية الإجرائية وعلاقتها بالحريات؟ ما مكانة الديمقراطية في ترتيب أولويات هؤلاء المثقفين؟

ينقسم العمل إلى فصلين، الأول بعنوان "المثقف وهويته الفردية والمجتمعية"، والثاني بعنوان "المثقف العربي والديمقراطية". يقارن المؤلفان بين الصورة التي يرسمها المثقف لنفسه (أخذ مسافة من السلطة، وربما التمرّد عنها) والصورة العامة (وربما العملية) التي تجعله أقرب إلى المحافظة والتقاطع مع السلطة ولعلّه أول من يقف ضدّ كل تمرّد يفرزه المجتمع.

ضمن العرض التاريخي الذي يتضمّنه الكتاب لعلاقة المثقف العربي بالديمقراطية، يرى المؤلفان أنّ حديث أغلبية المثقفين العرب عن الحرية، لا الديمقراطية "يمكن أن يكون محاولةً من بعضهم للمراوغة والالتفاف حول دور الديمقراطية في تحقيق أهداف النهضة، ومنها الحرية".

من خلال تحليل نصوص لمثقفين عرب حول المسألة الديمقراطية، يعتبر عثمان وفكري أن المثقفين العرب بشكل عام "يؤمنون بخصوصية وضعهم في المجتمع، وهي الخصوصية التي تبرّر لديهم فرض وصايتهم الفكرية على الشعب".

وفي خاتمة الكتاب، يُعلن المؤلفان أنّ أعراض "متلازمة تيانانمِن" منتشرة لدى المثقفين العرب، وإن تفاوتت درجاتهم في ذلك؛ "فعلى الرغم من اختلاف السياق العربي عن السياق الصيني، نجد قواسم مشتركةً كثيرةً بين تصوّرات قادة حركة ميدان تيانانمِن في الصين في عام 1989 وتصوّرات المثقفين العرب خلال مئتي عامٍ، وعلى نحو أخص المثقفين المعاصرين".

يجد المؤلفان أنّ نظرة المثقفين العرب إلى أنفسهم نخبوية واضحة، وأنّ أدبياتهم ركّزت في أولوية تأسيس الحريات العامة كحرية التعبير، وغيرها من الحريات التي قد ترتبط بهم تحديداً، ولا ترتبط بالأغلبية العظمى من طبقات الشعب التي لا يمكن أن تساهم بفاعلية في تحديد مصائرها إلا من خلال صندوق انتخاب نوّابها وحكامها.

من نفس القسم الثقافي