الثقافي

"ما بعد قصيدة النثر": أزمة شِعر أم خطاب؟

يناقش سيد عبد الله السيسي، الباحث المصري وأستاذ الأدب في "جامعة فيرجينيا" الأميركية، أزمة الشعرية العربية في كتابه "ما بعد قصيدة النثر: نحو خطاب جديد للشعرية العربية"، الصادر مؤخّراً عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت.جملة تساؤلات تطرحها الدراسة؛ من بينها: هل تكشف قصيدة النثر العربية، بالفعل، عن أزمة في الشعر؟ أم أن ما تكشف عنه في الحقيقة هو أزمة في الخطاب النقدي بالأساس، وتحديداً في تصوّرات المؤسّسات النقدية للشعرية العربية، وفي أزمة الخطاب النقدي في صياغته لمفهوم الشعرية؟

يستعرض الكتاب خارطة الشعر العربي في الوقت الراهن ومكانة قصيدة النثر في مراجعة للخطاببين الشعري والنقدي معاً، منطلقاً من فرضية أن قصيدة النثر تُعدّ ممثّلة لـ "الشعرية العربية"، حالياً، أو على الأقل ممثّلة لذروة ما وصلت إليه تلك الشعرية من تطوّر عبر تحولّاتها في تاريخ الشعر العربي الحديث.

لا تنفصل مناقشة الموضوع لدى الباحث عن مساءلة تجربة الحداثة الشعرية والمرجعيات النظرية النقدية التي أثّرت على الشعر عموماً، وقصيدة النثر خصوصاً، وما هي أبرز هذه التأثّرات وإحالتها على نماذج تطبيقية.

الكتاب يرصد التحوّلات التي مرّت بها قصيدة النثر العربية والغربية في سياق التحوّل من الحداثة إلى مابعد الحداثة بتجليّاتها الفلسفية والأيديولوجية والاجتماعية والجمالية. كذلك بعض السمات الأخرى التي اقترنت بالحداثة وما بعدها؛ مثل الاغتراب والعدمية والتشيؤ والاستلاب.. إلخ. ومن ثم يناقش بعض التصوّرات التي نبّهت إلى ضرورة تصحيح المسار الذي اتجهت فيه ما بعد الحداثة، والذي قد يودي بكل ما هو إيجابي في قيم الحداثة أو ما بعدها.

تعتمد الدراسة على التحليل النصّي للسمات التي تشكّل شعرية قصيدة النثر، وتقديم ممارسة قرائية للنص الشعري، في سعيٍ لتجاوز المنظومة الإجرائية التقليدية في تحليل الشعر العربي بأبعاده التشكيلية، ولأن المنظومة التقليدية، التي لا تزال أغلب المدونة النقدية العربية تعتمدها في دراسة القصيدة، لم تعد كافيةً حتى لدراسة الشعر التقليدي ذاته، بحسب المؤلِّف.

من نفس القسم الثقافي