الثقافي
"أحمد الرحموني": شهادات من زمن الحركة اليوسفية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 سبتمبر 2019
بين عامي 1955 و1956، شهدت تونس صراعاً سياسياً عشية الاستقلال عن فرنسا، وإن كانت تعود جذوره إلى فترة أقدم زمن الاستعمار. تفجر الخلاف بين تيار الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الحر الدستوري الجديد، آنذاك، والأمين العام للحزب صالح بن يوسف، أثّر على السنوات الأولى من بناء الدولة المستقلة والمسارات التي ستأخذها لاحقاً.
بعيداً عن التجاذب السياسي، يمكن اختزال الخلاف بين مرجعيات التراث العربي الإسلامي وتوجهات قائمة على الحداثة والتغريب، تبناها بورقيبة، ما أسفر عن تعرّض لأنصار صالح بن يوف للقمع، حين آل الحكم لبورقيبة، حتى جرى تصفيتهم في بداية الستينيات.
"أحمد الرحموني مسیرته ومصیره إثر الصراع الیوسفي- البورقیبي (1920-1963)" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث التونسي إدريس رائسي عن دار "سوتيميديا للنشر والتوزيع"، والذي سيتمّ تقديمه في ندوة يعقدها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في فرعه في العاصمة التونسية عند الخامسة والنصف من مساء الجمعة المقبل.
يشارك في الندوة الباحث محمد ضيف الله الذي وضع مقدمة للكتاب يشير فيها إلى الظروف التي قادت إلى المواجهات بين الطرفين في مرحلة تاريخية من تشكّل الدولة الوطنية،، والكاتب سمير المسعودي الذي قدّم مساهمات عديدة حول الأدب والسياسة في تونس.
يتناول المؤلف في كتابه السیرة الذاتیة أحمد الرحموني، أحد علماء "جامعة الزيتونة"، ونشاطه في تأسيس عدد من الجمعيات وفي الحياة الثقافية والسياسية، باعتباره أحد القلائل الذين عبّروا صراحة عن مواقف معارضة للنظام البورقيبي.
يلفت الكتاب إلى أن "الرجل المعمم"؛ اللقب الذي أطلق على الرحموني، آمن مبكراً بقيمة العلم ودوره في تقدم المجتمعات حيث عمل على تأسیس عدد من المدارس القرآنية وإنشاء عدد من الفروع لـ "جمعية الشبان المسلمين"، في جهة الوسط الغربي، ويبدو أن نجاحه في ذلك خلق له عديد العداوات، في مرحلة مفصلية من تاريخ البلاد، غلبت عليها الانتهازية ومنطق التخوين.
يوضّح الكتاب أن الرحموني صدمته الإصلاحات التربوية التي قادها الوزير والكاتب محمود المسعدي (1911 – 2004)، فانخرط في النشاط الثقافي ضدّ حزب الدستور الجديد، وتحمّس لأطروحات صالح بن يوسف ضد بورقيبة، ودخل في صراعات أيديولوجية في وجه سياسة اتّسمت بالتفرد بالحكم.