الثقافي

"مئتا عام على ميلاد ماركس": آخر تلويحة لسمير أمين

كان آخر إصدارات المفكر الاقتصادي المصري الراحل سمير أمين عمل بعنوان "مئتا عام على ميلاد كارل ماركس" نشره بالفرنسية، ثم صدر مؤخراً بالعربية عن منشورات "الفارابي"، وهو كتاب ضمّنه تحليلات لأربعة جوانب من الفكر الماركسي تتعلق بـ "بيان الحزب الشيوعي"، و"النموذج النظري للتراكم"، و"أزمات الرأسمالية"، و"تحديات الاشتراكية".

الكتاب يأتي بمثابة استكمال لكتاب آخر صدر العام الماضي بعنوان "عاشت ثورة أكتوبر 1917"، كما يصدر بمناسبة مرور مئتي عام على ميلاد كارل ماركس (1818-1883)، وقد طوّر ماركس، انطلاقاً من نشر "بيان الحزب الشيوعي" مع إنغلز إلى أواخر كتاباته، رؤية للشيوعية بصفتها مرحلة عليا في الحضارة الإنسانية، تحتاج إلى جمع الشروط اللازمة لإنجازها.

يشير مفهوم الشيخوخة إلى عجز النظام القائم عن التغلب على أزمته الدائمة، وبالتالي يرى أمين أنه بات من الضرورة التاريخية إنجاز خطوات في سبيل بناء بديل اشتراكي. بيد أن تحقيق مثل هذا الإنجاز يتطلب الاضطلاع بمبادرات جسورة تقوم بها الشعوب.

كان تقديم النسخة الفرنسية ضمن احتفالات في بكين بالمئوية الثانية لميلاد ماركس، في ذلك المؤتمر قدم صاحب "أزمة المجتمع العربي" مداخلة قال فيها: "إن رؤية ماركس للرأسمالية هي وقفة في التاريخ يمكن أن نضعها بين قوسين"، بمعنى أن التاريخ لم يقدم نماذج أخرى مؤثرة مثل نموذج ماركس، وأضاف: "إننا نعرف أن الرأسمالية لن تسقط غداً بقنبلة، ولا أن عودة الشيوعية على الأبواب، بل إن ما نعيشه اليوم يعني أننا أمام عملية طويلة جداً من سقوط الرأسمالية، ولتقدم محتمل نحو إعادة بناء المجتمع على أسس ثانية".

حين يتعلق الأمر بتجربة الصين، يرى أمين أن التقدم الاقتصادي والاجتماعي في الثلاثين سنة الأخيرة لم يكن ممكناً من دون ماو، لأن ما يسمى بسنوات "الإصلاح" هي فترة جذورها قائمة على السنوات التأسيسية للصين الشعبية، وهذا يعني بشكل أو بآخر أن الصين اليوم هي شيوعية وماركسية، لكن السؤال الأخطر الذي طرحه أمين هو: هل ستلتحق الصين بالرأسمالية؟ ليجيب بالقول "إننا لا نعرف".

لكنه يذكر: "لدى تأسيس الصين بين عامي 1949 و1950 حين قيل لـ ماو "إن الصين اليوم دخلت العصر الاشتراكي" ضحك وقال إن "الصين اليوم دخلت الطريق الطويل جداً إلى الاشتراكية"، ويضيف أمين مستشهداً بكلام القيادي الصيني شي جين بينغ: "الصين الشعبية تعني أنها لا اشتراكية ولا برجوازية بل شيء ثالث قد يؤدي خلال الثلاثين أو الخمسين عاماً المقبلة إلى الاشتراكية".

لارا عبود

 
 

من نفس القسم الثقافي