الثقافي
"نكسة حزيران الخليجية": قراءة في جذور الأزمة وتداعياتها
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 سبتمبر 2019
رغم حداثة الأزمة الخليجية التي لم يمض عليها عامان، إلا أن دراسات وكتباً عديدة صدرت في سياق التوثيق للأحداث الجارية، أو تناول الحصار الظالم المفروض على قطر، أو في قراءة التداعيات الناجمة عنها وصلتها بملفات عديدة تعصف بالإقليم.
في كتابه "نكسة حزيران الخليجية.. قراءة سياسية توثّق لرحلة الأزمة الخليجية" الصادر حديثاً عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، يعيد الباحث العربي المستقل مهنا الحبيل على نحو توثيقي قراءة منعطفات هذه الأزمة وتطوراتها الصراعية من منظوره الخاص، بلغةٍ مستقلّة، لا تهوّل ولا تهمّش المسارات الحرجَة.
لا يعدم الكاتب وجود خلافات سياسية سابقة بين قطر ودول الحصار، ولا ينفي صراع الظل المتجذر بين قطر وأبوظبي على وجه التحديد، ولا نزاع السعودية ضد مشروع إعادة تأسيس الدولة القَطرية بعد 1995، وضدّ استقلالها عن التبعية للمملكة. ولكن الخلاف القطري والسعودي وما تبعه من تحركات وإشكاليات معروفة وموثّقة ومُعترف بها هي قضايا تم حسمها بين الطرفين، والكتاب يفصّل حقيقتها ودوافع استدعائها من جديد ودلائل توظيفها.
كما يطرح المؤلف ملفات "الربيع العربي" والتيارات الإسلامية على نحوٍ يبيّن فيه أن اختلافات السياسة الخارجية لا يمكن لها أن تكونَ مبرراً بأي شكل من الأشكال لمشاريع استهداف عسكري وسياسي واقتصادي لقطر، تصل إلى تبني خطط إسقاط الحكم!
إن الأزمة مؤشر إلى بداية منعطف جديد للجغرافيا السياسية في المنطقة حسبما يرى الكاتب، قد تصل إلى زوال كيانات وبقاء أخرى، أو تغيير في الحدود؛ فقد أذن زلزال هذه الأزمة لمستقبلٍ تُنقض فيه آمال الإصلاح ربما لعقود، ولكن كيف لمثيلتها أن لا تحدث لولا تغييب الإرادة الشعبية ومصادرة المشاركة البرلمانية في صنع القرار وتوجيهه، ولا غرابة عندها أن يستبدل الولاء الحقيقي الصادق بزيف التقديس للحكومات الشمولية.
ولا يخفى أن هناك ترابطاً وثيقاً يصل بين مشروع التقدم الإسرائيلي لمصادرة الحق العربي والإسلامي وخنق أي روح فلسطينية مقاومة، والأزمة الخليجية وتركيز دول المحور على مشروع التطبيع في الخليج وإطلاق منصاته الثقافية والإعلامية ودعمه.
ويعدّ ملّف التطبيع في الخليج التطوّر الأخطر من نوعه، إذ إنه يعيد طرح الصهيونية كحليف إنساني وشريك اقتصادي للمستقبل يجب الاتحاد معه، في حين يتم إقصاء شركاء القضية والمصير في فلسطين وبلاد الشام، واتخاذهم مناوئين واعتبارهم خصوماً للخليج وأهله؛ عكس ما سجلته هذه الأرض ومن عليها وما تمثله القضية من حضور وأصالة في وجدانهم.