الثقافي

"جائزة الرافدين للكتاب الأول": رغم الإمكانات البسيطة

تشجيعاً للإبداع العربي وتحفيزاً للمواهب والطاقات الواعدة

في الستينيات والسبعينيات، كان نشر الإصدار الأول لأحد الكتّاب عن دور نشر بعينها، آنذاك، كافياً للاعتراف به وتكريس اسمه في المشهد الثقافي، ضمن تنافس محموم عرفته تلك المرحلة سواء على صعيد المواقف السياسية التي يتبناها بعض الناشرين أو انحيازاتهم إلى أجناس أو أشكال إبداعية محدّدة.

مياه كثيرة مرّت تحت الجسر عكستها جملة تغيّرات حدثت خلال العقود الماضية مع تراجع حضور العديد من تلك الدور بحيث لم يعد وسمها يمنح التأثير ذاته، كما أن تضاعف أعدادِها فرض أيضاً تبدّلاً في طبيعة التنافس بينها، علاوة عن عوامل أخرى مثل صعود النزعة في تحقيق أرباح سريعة على حساب أدوارها السابقة. لكن يبقى لمؤسسات النشر دور أساسي في تحريك المشهد الثقافي العربي، ومن ذلك مبادرات عديدة، منها "جائزة الرافدين للكتاب الأول" التي أُعلن عن دورتها الثانية مؤخراً، والتي تتخصّص في مجال الشعر والقصة والرواية، المكتوبة باللغة العربيّة، وتمنح لكاتب/ة ممن لم يسبق له/ لها نشر أي كتاب في أي مؤسسة حكومية أو أهلية.

تأسّست هذه المسابقة السنوية العام الماضي بمبادرة من "دار الرافدين للنشر والتوزيع"، و"مؤسسة درج الثقافية" تشجيعاً للإبداع العربي وتحفيزاً للمواهب والطاقات الواعدة، إيماناً بدور الأدب في بناء المجتمعات، وبأن تعميق وعي الإنسان والارتقاء به قيمة جوهرية، من خلال منح الفائزين جائزة مالية قيمتها ألف دولار فضلاً عن نشر العمل الفائز وتوزيعه عربياً.

يشير بيان الجائزة إلى أن "كلّ دورة تسمّى باسم رمزٍ إبداعي فارق شكّل حضوره منعطفاً في تاريخ الأدب العربي تكريماً وعرفاناً بدوره الخلاق، ويشترط في المشاركة والفوز بالجائزة تحقيق قيمة فنيّة مُبتكرة في العمل المنافس وأن يكون الأوّل لمؤلفه".

أطلقت الجائزة العام الماضي بدورتها الأولى وكانت تحمل اسم القاص والروائي العراقي محمد خضيّر (1942)، وقد قررت لجنة الجائزة تسمية الدورة الحالية باسم الشاعر والناقد العراقي فوزي كريم (1945 – 2019) "تخليداً لاسمه ولنتاجه الفكري والأدبي" والذي رحل في الثامن عشر من أيار/ مايو الماضي.

في حديثه لـ "العربي الجديد"، يقول منسق الجائزة الكاتب العراقي حسن أكرم (دار الرافدين) إن "الفكرة بدأت بعد أن وصلت إلى الدار مئات المخطوطات المرسلة من قبل كتّاب جدد، ما دفع إلى التفكير بمبادرة تخدم هذه التجارب وهو ما تبلور لاحقاً بالإعلان عن جائزة للكتاب الأول في حقول القصة والرواية والشعر"، موضحاً أنه "بهذه الطريقة نزعم أننا قد أعطينا الفرصة لهذه المخطوطات في نيل حصتها من الفحص والقراءة، ثم من بعدها تطبع الكتب الفائزة بالجائزة، وبهذه الطريقة نقوم بدورنا المطلوب كمؤسسة ثقافية".

يتابع "في الدورة الأولى، كان الوضع صعباً جداً خصوصاً أننا نعتمد كشركاء (دار الرافدين ومؤسسة درج) على جهود ذاتية بسيطة، واعتمدنا على دائرة علاقاتنا الصغيرة في توفير الداعمين، وحدث هذا بالفعل حيث حصلنا على دعم من بعض الشركات المحلية في ما يخصّ توفير تذاكر السفر والحجوزات الفندقية، بينما تكفّل الناشر محمد هادي بدفع باقي التكاليف فيما يخصّ قيمة الجائزة وباقي التفاصيل اللوجستية".

يلفت أكرم إلى أن الدورة الأولى "كانت دورة ناجحة رغم الإمكانات البسيطة. في العراق يفتقر الوسط الثقافي إلى فعاليات منظّمة بطريقة احترافية وغير مرتبطة بمؤسسة تنتمي إلى جهة سياسية أو حكومية".

أتت نتائج الدورة الأولى بحجب الجائزة عن فئة الرواية، لعدم توفر نص فني بالنضج المطلوب من بين النصوص التي قُدّمت للجائزة، وفاز في فئة الشعر بالمناصفة كلّ من علي إبراهيم الياسري ووائل سلطان من العراق، وفي فئة القصة فاز بالمناصفة أيضاً كلّ من وليد طبي من الجزائر ورحمة الراوي من العراق.

مريم. ع

من نفس القسم الثقافي