الثقافي
رفيق اللحام.. المشهد منذ بدايته
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 أوت 2019
حتى خمسينيات القرن الماضي، برز بعض الرسّامين الهواة في المشهد التشكيلي الأردني؛ مثل سامي نعمة وحلمي حميد ويعقوب السكر، قبل ظهور أولى الأسماء التي تلقّت تعليماً أو تدريباً أكاديمياً في أوروبا أو في البلدان العربية المجاورة، وتكرّست تجاربهم خلال السنوات اللاحقة.
قبل ذلك، أقام في عمّان بعض الفنّانين العرب والأجانب الذي أتوا للعمل في الدولة الوليدة، منهم اللبناني عمر الأنسي، والتركي ضياء الدين سليمان، والروسي جورج ألييف، وقد ساهم هؤلاء في تكوين مجموعة من التشكيليين الأردنيين الذين سيكون لهم دور في التأسيس؛ مثل مهنا الدرّة ووجدان علي وسعاد ملحس.
ضمن سلسلة "مكتبة الفنون التشكيلية"، صدر حديثاً عن "هبة ناشرون وموزّعون" في عمّان كتاب "رفيق اللحام.. رائد الفن الأردني المعاصر" للباحث والتشكيلي غازي انعيم، والذي يوثّق فيه سيرة الفنّان الأردني الفلسطيني (1931) وتجربته الممتدّة قرابة سبعة عقود.
في دمشق، حيث وُلد صاحب كتاب "رحلتي مع الحياة والفن"، درس اللحام الخط العربي على يد حلمي حباب، وسامي نعمة، وبدوي الديراني، ومحمد بدوي الديراني، والمصري البحيري، بحسب الكتاب، قبل أن ينتقل مع عائلته إلى الأردن عام 1946، ويعمل مدرّساً للرسم المعماري في "معهد النهضة العلمي".في حديث إلى "العربي الجديد"، يشير انعيم إلى أن اللحام خاض تجربة اللون والخط والظلال والأبعاد، من خلال الرسم والحفر والنحت والتصميم والخط العربي، مضيفاً أنه يُعتَبر، أيضاً، "أحد الروّاد الذين طبعوا تاريخ الفن التشكيلي الأردني، حيث عكست مسيرته الفنية مراحل مختلفة من البحث العميق والدؤوب والجهد المتواصل في تاريخ الفن وتقنياته".
ويوضّح: "تنوّعت لوحاته الفنية المنفّذة بتقنية الألوان الزيتية والمائية والحفر والقلم الرصاص والحبر الصيني بين الحروفية والواقعية والتعبيرية والرمزية، إضافة إلى التجريدية التي انحاز إليها في السنوات الأخيرة"، لافتاً إلى أن ذلك "جعل لوحاته تستأثر باهتمام العديد من الفنّانين والنقّاد لما لها مـن أصالة استوعبت المكان والتراث الوطني والعربي والإسلامي بعمق، وعبّرت عن الحروفية والواقع والأحداث الوطنية والقومية".
يعود الكتاب إلى أول معرض أقامه اللحام في العشرين من كانون الأول/ ديسمبر 1951 في "المنتدى العربي" بالعاصمة الأردنية، وضمّ أعمالاً نفّذها بعد تلقّيه مبادئ الموديل والوجوه والتخطيطات السريعة والطبيعة الصامتة في مرسم جورج ألييف.
بعد عشرة أعوام، ينتقل إلى روما في منحة لدراسة الفن في "أكاديمية أنالك" و"معهد سان جاكو"، وسيسافر عام 1967 إلى نيويورك ليدرس الرسم والسيراميك والحفر والطباعة في "معهد روتشستر التكنولوجي"، قبل أن يعرض أعماله في الحفر على الخشب والمعدن والمونوبرنت بعد عامين.
يلفت انعيم إلى بحث اللحام الدائم عن أشكال جديدة وتكوينات مستحدثة في تعامله مع الزخارف الهندسية والحروفيات، حيث عالجها بلغة تجريدية تعبيرية أحياناً، وشاعرية غنائية تارة أخرى، محافظاً على الإيقاع الموسيقي لحركة الكتابة والخطوط والتناغم اللوني.
يقف الكتاب عند تجربة الفنان في تصميم أكثر من مئتي طابع بريدي في الأردن وبلدان عربية، وكذلك الميداليات والعملات، والملصقات (البوسترات)، كما قام بإعداد وتنفيذ العديد مـن الخرائط والنشرات والمطويات المطبوعة، وشعارات العديد من المؤسسات الأردنية والعربية، وتصميم أغلفة الكتب والمنشورات وإعلانات الصحف والمجلات.
أرفق المؤلّف نماذج عديدة من الأعمال الفنية لرفيق اللحام تمثّل جميع مراحل مشواره، إلى جانب شهادات لعدد من الكتّاب حول إبداعه، لكلّ من جبرا إبراهيم جبرا، وشاكر حسن آل سعيد، ورازق علوان، وسعدي الكعبي، ومحمود صادق، ورباح الصغير، ومحمود عيسى موسى، وفراس نعسان، وغسان مفاضلة، وأحمد الكواملة.