الثقافي

فيلمان جزائريان في مهرجان الفيلم العربي بالبرازيل

يتقدمهم العمل المثير للجدل "السعداء" لصوفيا جاما

 يعرض الفيلم الروائي الطويل "السعداء" للمخرجة الجزائرية صوفيا جاما والوثائقي الطويل "رجال وكباش" لمواطنها كريم صياد في الدورة الـ 14 لمهرجان الفيلم العربي بالبرازيل التي تعقد فعالياتها من 7 إلى 14 أوت الجاري بساو باولو (جنوب شرق) وفقا للمنظمين.

وسيعرض عمل جاما -التي تحل ضيف شرف على هذا المهرجان- ووثائقي صياد إلى جانب 11 عملا آخرا من عدة بلدان عربية بالإضافة إلى البرازيل.

ويتطرق "السعداء" -وهو من انتاج مشترك جزائري فرنسي بلجيكي قطري ومدته ساعة و42 دقيقة- لقصة شباب في جزائر ما بعد التسعينيات يعانون اليأس والرتابة في الحياة وهو من بطولة نادية قاسي وأمين لنصاري ولينا خودري.

والحقيقة ان هذا الفيلم كان جريئا وهو يطرح عديد القضايا المثارة في المجتمع الجزائري، وتعود وقائعه الى عام 2008 محاولا رصد مخلفات العشرية الدامية او السوداء كما اصطلح على تسميتها وهي المرحلة القاتمة التي عاشها الجزائريون والتي طبعت تاريخهم المعاصر.

ففي تلك المرحلة كانت الجزائر تلملم جراحها وهي تغادر الحرب الاهلية التي تواصلت عقدا من الزمن وتركت تداعياتها على الافراد والمجتمع، طبعت آثارها سلوك الجزائريين ونفسياتهم فتجلت مظاهر البحث عن النفس والضياع والقلق بشأن المستقبل وبشأن امكانية الشفاء من الجراح العميقة النازفة التي تركتها تلك المرحلة الدامية.

على امتداد الفيلم تحاول كاميرا صوفيا جاما رصد تقاطع مصائر شخصايتها واحلامهم المهدورة وهم يتيهون بحثا عن انفسهم وعن جزائر ما قبل الدم والسواد الجزائر الحلم والواقع.

فتطالعنا شخصية أمال وسمير وهما يعدان للاحتفال بعيد زواجهما العشرين في احد المطاعم ويكون ذلك منطلقا لاستحضار وجع الذاكرة وكل ما حف بما قبل المرحلة الدامية وما حدث خلالها.

من خلال حوارهما يبرز الاختلاف بينهما فاذا كانت الزوجة ترغب في العيش في اوروبا بعد ان يئست من تحقيق احلامها فإن الزوج يروم التأقلم مع الاوضاع ويريد ان يعيش في وطنه.

بينما نتابع شخصية فريال المتحررة التي تحتفظ في ذاكرتها بوشم لا يمّحي وهي التي نجت من محاولة ذبح خلال المرحلة الدامية التي انتشرت فيها العمليات الارهابية البشعة، وتطمح الى ان تتحرر من كل القيود وتعيش كما يحلو لها دون محاذير ولا محظورات. كما تبرز شخصية فهيم الباحث عن آفاق اخرى خارج حدود الوطن.

وثمة شخصيات اخرى تائهة تحاول النسيان باحثة عن افق ولو كان سرابا تجد حياتها فاقدة للمعنى فتصبح التعاسة قدرا لها وذلك في تناقض مع عنوان الفيلم الذي ارادته المخرجة لعبا بالكلمات وتلاعبا بها.

ومن خلال السعداء رصدت كاميرا المخرجة صوفيا جاما المقيمة بفرنسا عديد المظاهر المتفشية في الجزائر وسلطت الضوء على حياة الناس وأوجاعهم، منطلقة من الحدث المركزي الذي لا تدور الوقائع في زمنه ولكن آثاره جاثمة على النفوس وتحركها من خلال التداعيات والاثار البليغة ولهذا كان التناقضات واضحة لدى الشخصيات تناقضات نفسية وسلوكية وقيمية ايضا، وافضت الى كثير من المفارقات التي نلمسها في صراع الاجيال وتفكك العلاقات العائلية، تماما كما نلمسها في تدهور أشكال التواصل والتعبير عن الذات.

وقد جسد شخوص هذه الفيلم مجموعة من الممثلين من بينهم سامي  بوعجيلة و  ليندة  خضري ونادية قاسي ومحمد علي علالو  وامين الانصاري.

الجدير بالذكر هو أن السعداء الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة صوفيا جاما وقدمته عام 2017، وقبله قدمت مجموعة من الأفلام القصيرة وانطلقت تجربتها كمخرجة وككاتبة سيناريو سنة 2012.

وتوج هذا الفيلم -الروائي الطويل الأول لجاما- بجائزة أفضل إخراج بمهرجان دبي السينمائي ال14 بالإمارات في 2017 وجائزة أحسن ممثلة في فئة "أوريزونتي" (آفاق) بمهرجان البندقية السينمائي الدولي ال74 بإيطاليا نفس العام.

ويصف من جهته وثائقي صياد -وهو من إنتاج مشترك جزائري سويسري فرنسي قطري ومدته 78 دقيقة- العالم الذي يحيط بمباريات المناطحة بين الكباش بمدينة الجزائر قبيل أعياد الاضحى من خلال قصتي حبيب وملفاح.

وكان هذا العمل قد حاز في في 2018 جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان السينما العربية لمعهد العالم العربي بباريس (فرنسا).

ويهدف مهرجان الفيلم العربي بالبرازيل -الذي ينظمه "مركز الثقافة العربية" (ICArabe)- إلى تثمين السينما العربية من خلال عروض أفلام ولقاءات ونقاشات تدار من طرف سينمائيين ومثقفين من البلدان العربية والبرازيل.

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي