الثقافي

الجزائر حاضرة في "أسبوع النقد" في بيروت بفيلم "أبو ليلى" لأمين سيدي بومدين

تُنظّمها "جمعية متروبوليس" بالتعاون مع "المعهد الفرنسي في لبنان" حتى 3 أوت الداخل

يزداد الحضور السينمائي العربي في مهرجانات دولية مختلفة. مخرجون مولودون في دولٍ أجنبية، لكن لهم جذورًا عربيّة مختلفة، رغم أن جديد كل واحد منهم غير معنيّ بهَمٍّ عربيّ في الجغرافيا العربية، أو في دول الاغتراب والمنافي. 

"أسبوع النقد"، الناشئ عام 1962 بفضل جهد "النقابة الفرنسية للنقد السينمائي"، يُقام سنويًا في إطار مهرجان "كانّ". ميزته الأساسية واحدة: إطلاق مواهب سينمائية جديدة، تُقدِّم أفلامها الأولى أو الثانية. الشرط الوحيد كامنٌ في أولوية جوهرية: أنْ تمتلك الأفلام الأولى والثانية ما يشي بابتكار جمالي وفني ودرامي يستحقّ الاختيار. لائحة المنطلقين في عالم الفن السابع من "أسبوع النقد" طويلة. أبرز الأسماء تمتلك، حاليًا، اشتغالات سينمائية متنوّعة الأشكال والمضامين: الفرنسيون جاك أوديار وفرنسوا أوزون وريبيكا زلوتوفسكي، والمكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو، ووانغ كار ـ واي (هونغ كونغ)، والأميركي جف نيكولس، والأرجنتيني سانتياغو ميتري، وغيرهم. 

الدورة الـ58 لـ"أسبوع النقد"، المُقامة في الدورة الـ72 (14 ـ 25 مايو/ أيار 2019) لمهرجان "كانّ" السينمائي، تنتقل إلى بيروت، كعادة المسابقة منذ سنين عديدة. النسخة اللبنانية، التي تُنظّمها "جمعية متروبوليس" بالتعاون مع "المعهد الفرنسي في لبنان"، تُقام بين 22 يوليو/ تموز و3 أغسطس/ آب 2019، في صالتي "متروبوليس سينما" (الأشرفية). البرنامج نفسه يُتيح للمهتمّين اطّلاعًا على نتاجات حديثة لمخرجين، بعضهم يخطو خطوة أولى في صناعة السينما. للعرب حصّة، فاشتغالاتهم تعكس حيوية لغة، وجمالية صورة، ومعاينة حسّية وواقعية لتفاصيل وحكايات وانفعالات. 

في النسخة اللبنانية هذه، هناك فيلمان عربيان: "أبو ليلى" (2019، إنتاج مشترك بين الجزائر وفرنسا وقطر) للفرنسي ذي الأصل الجزائري أمين سيدي ـ بومدين (1982)، و"معجزة القدّيس المجهول" (2019، إنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وقطر) للمغربي علاء الدين الجمّ (1988). يُمكن إضافة فيلم ثالث لمخرجة فرنسية ذات أصل تونسي: "تستحقّ حبًّا" (2019، فرنسا) لحفظية حرزي (1987). 

يختار سيدي ـ بومدين أحد أعوام "العشرية السوداء" (1994) في الجزائر، متوغّلاً في لحظات مريرة من قسوتها. فأثناء مطاردة أس ولطفي (صديقان منذ طفولتهما) إرهابيًا يُدعى أبو ليلى، في الصحراء، تنكشف تفاصيل وأهواء وحكايات عديدة، عن لحظة وأفرادٍ ومعانٍ وحالات. المُطاردة تبدو، في وقتٍ ما، كأنها عبثيّة. الصحراء لا تزال حينها بعيدة كلّيًا عن أي اعتداء إرهابي. الصحّة العقلية لأس مرتبكة ومتقلّبة، لكنه مقتنعٌ بالعثور على أبي ليلى، بينما للطفي همّ واحد فقط: إبعاد أس من العاصمة. في توغّلهما في أعماق الصحراء، سيواجهان معًا عنفهما الخاص. 

عنفٌ من نوع آخر، سيكون مبطّنًا ومخفيًا، يشهده المناخ العام في "معجزة القدّيس المجهول". الصحراء، هنا أيضًا، لها دور، لكنه مختلفٌ تمامًا عن ذاك الذي تعرفه في "أبو ليلى". فمع أمين سيدي ـ بومدين، تبدو الصحراء أشبه بمطهرٍ يغتسل فيه صديقان من أشياء كثيرة في حياتهما، بينما يستعين علاء الدين الجمّ بها كمدخلٍ إلى عالم يمزج الواقع بالفانتازيا، والعيش اليومي بماورائيات مختلفة. 

"معجزة القدّيس المجهول" يروي حكاية أمين، الهارب من رجال الشرطة بثروة مالية يُخفيها في أرضٍ داخل بلدة ريفية، ثم يتوارى عن الأنظار. بعد 10 أعوام، يعود إلى تلك البلدة لاستعادة أمواله، فيكتشف تحوّل "المكان السرّي" إلى مبنى يتعبّد فيه ناس البلدة لـ"القدّيس المجهول". يمرّ وقتٌ طويل قبل عثوره على حلّ، يشهد خلاله تبدّلات عديدة، تدفعه إلى اختبار مسائل مختلفة. 

من جهتها، تحاول حفظية حرزي، في أول فيلم روائي طويل لها (تستحق حبًّا)، أنْ تكتشف أحوال الحبّ والفراق والقسوة، إثر انفصال ريمي عن لِيْلا، بعد اكتشاف لِيلا خيانة ريمي. تعجز المرأة عن قبول الانفصال، فهي تحبّه كثيرًا. ذات يوم، يُخبرها بقراره المتمثّل بالسفر إلى بوليفيا لمواجهة نفسه، ومحاولة فهم أخطائه. لكن المسألة لن تنتهي هكذا. المعضلة تلاحقهما، والنقاش بينهما مستمرّ، وعدم الراحة طاغية، و"تشجيعٌ" على حبّ مجنون يضع الطرفين أمام مأزق حسّي ووجودي وأخلاقي.

ف. س

من نفس القسم الثقافي