الثقافي

"دين الليبرالية": سيسيل لابورد والحد الأدنى من العلمانية

هل يمكن للدولة الليبرالية أن تلجأ إلى العقائد الدينية لتبرير القوانين

تعامِل المجتمعات الليبرالية تقليدياً الدين باعتباره مميّزاً بموجب القانون، مما يتطلّب حماية خاصة؛ كما هو الحال في ضمان حرية العبادة والاحتواء الخاص للحفاظ على الدين والدولة منفصلَين، لكن هذه الفكرة مؤدّاها أن الدين يتطلّب استثناءً قانونياً، وقد تعرّضت لانتقادات من أولئك الذين يجادلون بأن الدين لا يختلف عن أي مفهوم آخر للخير، ويجب على الدولة أن تعامل كل هذه المفاهيم وفقاً لمبادئ الحياد والحرية والمساواة.

تتّفق أستاذة النظرية السياسية في "جامعة أكسفورد"، سيسيل لابورد، مع الكثير من هذه الانتقادات، لكنها تجادل بأن التشبيه البسيط بين الخير والدين يشوّه العلاقات المعقّدة بين الدين والقانون والدولة، وترى أن الدين يمثّل أكثر من مجرّد بيان عن المعتقد حول ما هو حقيقي كما، أنه أكثر من مدوّنة للسلوك الأخلاقي.

في كتابها "دين الليبرالية"، الصادر حديثاً عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" بترجمة أنجزها عبيدة عامر، تثير الباحثة البريطانية الجدل حول أسئلة تتناول إمكانية الدولة الليبرالية في إقامة دين معيّن بقوانينها ومؤسساتها، ولجوء مسؤوليها إلى العقائد الدينية لتبرير القوانين، وعرض الرموز الدينية للأغلبية في المجال العام، وانحصار منصب كهنة الكنيسة على الذكور فحسب.

من خلال هذه الجدالات، تسعى الباحثة إلى إعادة النظر في الفصل الجذري بين الدين والدولة، معتبرةً أنّ تصنيف الدين يمكن الاستغناء عنه في النظرية السياسية من دون إنكار مركزيته، إذ أنه من المستحيل الاستغناء عنه في تجربتنا الأخلاقية والروحية والاجتماعية، ومن دون إنكار تصنيفه الدلالي كأداة استكشافية مفيدة في عدة مجالات علمية.

تقترح لابورد أن يكون تصنيف الدين أقلَّ كفاءة من التصنيف السياسي- القانوني، إذ يمكن تفسير القيم الكامنة في حرية الدين والمساواة بين الأديان، وحيادية الدولة تجاه الدين ضمنياً من دون الرجوع إلى التصنيف الدلالي للدين على الإطلاق.

وتبيّن أنه، وبالنسبة إلى المنظّرين السياسيين والقانونيين، لا بد من إبراز القيم المتعدّدة التي تحقّقها جوانب محدّدة من الدين. ولذلك، تعتبر نظريتها حول دين الليبرالية هي أولاً نظرية تفسيرية تتجنّب فيها مصطلح "الدين" لتركّز على القيم التي يحقّقها؛ وهي ثانياً نظرية تفكيكية ترى أن فضائل الدين ورذائله متعدّدة وذات أبعاد مختلفة.

يأتي الكتاب في جزأين تقارب الكاتبة في الأول منه الدين من جهة المساواة الليبرالية وحيادية الدولة، وفي الثاني تقوم بتفكيك الدين فتقدّم الدفاع عن الحد الأدنى من العلمانية، وتناقش سيادة الدولة وحرية الدين وتقسيمه والعدالة الليبرالية وغيرها من المواضيع.

القسم الثقافي

 

من نفس القسم الثقافي