الثقافي
منذ 150 سنة خلت، آرثر ريمبو يثني على الأمير عبد القادر وكفاح الجزائريين ضد الاستعمار
في قصيدة غير معروفة كثيرا كتبها في سن الـ 14 والتي عنونها بـ "يوغرطة"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 جولية 2019
منذ 150 سنة خلت كان الشاعر الفرنسي الشهير للنثر المقفى آرثر ريمبو قد اثنى على خصال الأمير عبد القادر و على كفاح الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي في قصيدة غير معروفة كثيرا كتبها في سن ال14 و التي عنونها ب"يوغرطة".
انها قصيدة جادت بها قريحته في 2 يوليو من سنة 1869 خلال مسابقة نظمتها اكاديمية اردان حيث افتك من خلالها المرتبة الاولى، و تم نشر القصيدة التي تحتوي على 75 بيتا باللاتينية بتاريخ 15 نوفمبر 1869 على صفحات "جريدة التعليم الثانوي" لأكاديمية دواي.
"في جبال الجزائر ظهر اصله : لقد نبست الريح اسم يوغرطة جديد" هكذا تناول ريمبو (1854-1891) تلميذ مدرسة شارل فيل (اردان، الشرق الكبير) في ثنايا ابياته، قصة الامير عبد القادر بطل المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي الذي كان قد اطلق سراحه (1952) من سجنه في قصر أمبواز من قبل نابليون الثالث.
لقد كان هناك موضوع واحد في المسابقة وهو "يوغرطة" ملك نوميديا (160-105 قبل الميلاد) و الذي طلب من المتسابقين كتابة قصيدة حوله.
في هذا الصدد، اوضح الجامعي شريف الوناس في مدونته ان "ريمبو كتب قصيدته الشعرية انطلاقا من الحياة النضالية لملك نوميديا يوغرطة ضد روما و قام بعد ذلك بمقارنتها بتلك الخاصة بالأمير عبد القادر الذي واجه الجيش الفرنسي الاكثر قوة في العالم في تلك الفترة و ذلك لمدة 15 سنة من 1832 الى غاية 1847".
اما فريديريك والد الشاعر الشاب فقد تم ارساله الى وهران حيث شارك في استعمار الجزائر سيما من خلال القيام بمعارك ضد الامير عبد القادر و جيشه الذي كان يكافح ضد الغزو الفرنسي.
من المرجح جدا ان ارثر ريمبو قد تأثر بكتابات والده الذي كان محبا للعربية سيما من خلال ترجمته للقران، حيث كان مهتما في تلك الفترة بما كان يحدث في العالم العربي.
في ذات السياق قام هادي عبد الجواد الاستاد في سكيدمور كوليج بنيويورك في كتابه "ريمبو و الجزائر" (2004، باريس متوسط، بتحليل "حالة الانبهار" التي تركتها الجزائر في هذا الشاب المعجزة الذي ترك الشعر في سن ال21 (1875).
و أوضح ذات الاستاذ ان ريمبو قام في قصيدته بتحيين الاسطورة من اجل تجسيد مقاومة اخرى : متمثلة في الامير عبد القادر في كفاحه ضد الاحتلال الفرنسي.
كما اشار كاتب المؤلف الى ان الشاعر "و من خلال تعامله مع الاسطورة المزدوجة لإفريقيا الرومانية و الجزائر فرنسية بسخرية يعد احد الفرنسيين الاوائل الذين اعترفوا بالواقع الوطني الجزائري" مؤكدا ان الشاعر الفرنسي "وقف الى جانب الجزائر ضد فرنسا".
اما البروفيسور مارك آسيون فقد اوضح في مقال نشر في يونيو 1991 في "المجلة الادبية رقم 289" ان الشاعر اليافع قد تطرق باللغة اللاتينية الى راهن سياسي "ساخن" و المتمثل في استعمار الجزائر مضيفا انه استغل هذه الفرصة "ليثني على ثورة" الجزائريين.
و يتحدث ارثر ريمبو في قصيدته الشعرية عن الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي وصفه ب"القدر المشؤوم" نازعا من الاسطورة الجزائرية وطنها متمنيا ان ينتصب من الجزائر "مائة اسد" يمزقون بأنيابهم الثائرة فيالق الجيوش.