الثقافي

المساجد ورسالتها في المدينة الجزائرية

أكبر المساجد هو مسجد الفرقان في مدخل المدينة، وفيه مكتبة كبيرة في علوم اللغة و البلاغة والشريعة، أهداها الشيخ مبروك عوادي الذي كان إماما في الأزهر الشريف بمصر، فكل من يحتاج المراجع والمصادر التراثية عليه بهذه المكتبة الكنزويتكفل بالإمامة والخطابة فيه  الشيخ أحسن.

و هناك مسجد دار الهجرة بحي ألف مسكن وهو أنشط المساجد، ولجنة تسييره مهتمة بجماله ونظافته، وقد استقبل المقرئين -في أمسيات قرآنية كثيرة- من دول مختلفة، منها مصر وتركيا والمغرب مع قراء جزائريين معروفين بجمال الصوت..

وينظم مسجد دار الهجرة  بعزابة محاضرات وندوات في الشّريعة  والعقيدة و التاريخ الإسلامي وعلوم القرآن، تحفّها الملائكة بأجنحتها و تتنزّل فيها السّكينة من ربّ العالمين.

و قد استمع المصلون بالمسجد لمحاضرات ودروس دكاترة و شيوخ معروفين، مثل  محمد الهادي الحسني(العاصمة)، عمار قرفي(عنابة)، علي حليليتم(سطيف)...،بالإضافة لشيوخ المدينة مثل الشيخ أبو بكر حداد،محمد لكحل، عدلان شابي،علي بن ذيب...

وفي وسط المدينة هناك المسجد العتيق(الشيخ عبد اله مطلاوي، الشيخ سعيد منصوري..) و المسجد الجديد(الشيخ شعيب)  ،و توجد مساجد أخرى بأحياء المدينة،قد انطلقت بها الأشغال بوتيرة مختلفة، مثل مساجد : بدر، القدس، عبد الرحمان العايب... وتبقى المساجد بمعظم أحياء وقرى البلدية تعتمد على المحسنين وتبرعاتهم الأسبوعية، للحفاظ على نشاطها وصيانتها،  وكل المساجد هي بيوت الله للعبادة وهي فضاء للتكافل والتضامن من خلال  بعض الأعمال خيرية ،مثل التضامن في المنسبات الدينية، و تخصيص سيارات خاصة بالجنائز وإكرام الموتى....

وفي سياق التكافل الاجتماعي تعد جمعية الاحسان لرعاية المرضى والتكفل بالجنائز بالبلدية من أنشط الجمعيات محليا في مستويات خيرية كثيرة،بفضل تضحيات رجالها المتطوعين في سبيل الله وخدمة المجتمع، و بعي متواصل من رئيسها كمال العوفي، و لعل آخر مبادراتها هي جمع التبرعات لعلاج الشاب بلال بوزانة لإجراء عملية جراحية والعلاج من مرض خطير.

وهو شاب مقعد منذ أكثر من عام ،وأجرى عمليات جراحية بمستشفيات عمومية،دون جدوى،  وبعد التواصل مع مستشفى خارج الوطن، أكد  الأطباء النسب العالية من النجاح والسير مجددا، لكن المبلغ يفوق المليار سنتيم، فانطلقت الهبة الشعبية التضامنية بمدينة عزابة ولاية سكيكدة،وكان التفاعل الشعبي كبيرا وهو متواصل، بخاصة في شهر رمضان شهر الخير والصدقات والجود، وبدأت عملية جمع التبرعات وعرّف بها أئمة المساجد.

لقد شاركت المساجد في التحسيس الإنساني لأهل المدينة والمغتربين قصد التضامن ومساعدة بلال، وقد اتفق أهل عزابة على تخصيص زكاة الفطر في اواخر شهر رمضان لهذا العام هذا المريض ، في هبة تضامنية من روح الوطنية و الاسلام.

يعبّر كل هذا عن الوظيفة الاجتماعية للمسجد ولأهل البر والخير في مدننا الجزائرية، والمساجد في الإسلام مكان للعبادة و مكان للتّكافل بين المسلمين والتّراحم، وكذلك عبر  جمع الزكاة والصّدقات وتنظيم توزيعها على الفقراء والمساكين ، وهي مساجد عزابة تقوم مدارس القرآنية بعمل تربوي وعلمي كبير، لتعليم القرآن و اللغة العربية والثقافة الاسلامية للكبار والصغار.

و أكّد الإسلام على  عمارة المساجد بالذّكر وإقامة الصّلوات وتلاوة القرآن، كما أكد على دور المساجد في حياة  الاجتماعية و الثقافية وفي تنمية الجوانب الروحية الايمانية المسلمين، قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [البقرة: 114] 

إن المساجد بهذه المدينة تواصل رسالتها الدينية المتجددة، منذ زمن الاستعمار إلى اليوم، لبناء الانسان الجزائري البناء السوي، الذي يجمع بين تنمية الجانب الإيماني وتقوية الحب الوطني، أي عمار الدنيا والاستعداد للآخرة، و المساهمة الجماعية في بناء الوطن والتواصل مع مشروع الشهداء في ثورتهم النوفمبرية الخالدة.

مراسلة خاصة: د-وليد بوعديلة

من نفس القسم الثقافي