الثقافي

فاطمة غالير: مسرحيات من بعيد

تُقدَّم نصوصها إلى القارئ العربي للمرة الأولى

في مسرحياتها الخمس، الصادرة عن "الهيئة العربية للمسرح" في الشارقة، بترجمة إلى العربية أنجزتها أربع كاتبات جزائريات، تحفر الكاتبة المسرحية الجزائرية المقيمة في فرنسا، فاطمة غالير في قضايا تفرضها حياة موزّعةٌ على ضفّتين، من خلال ثلاث ثيمات أساسية، تشترك فيها النصوص الخمسة؛ هي المرأة والذكورة والهجرة.

ستبدو تلك الموضوعات حاضرةً في حياة الكاتبة ذاتها. فغالير التي وُلدت في قسنطينة، شرقي الجزائر، سنة 1944، وبعد تخرّجها بشهادة في الأدب الفرنسي من "جامعة الجزائر"، انتقلت إلى فرنسا؛ حيث درست السينما في "جامعة فانسون".

وفي كتاباتها التي تزيد على العشرين نصّاً مسرحياً، كان هاجسها الأساسي، تقديم رؤية نقدية ومغايرة للتقليدي والسائد في المجتمع الجزائري. وهكذا، كان لا بُدّ أن تكون المرأة هي المدخل لهذا الاشتغال.

في مسرحية "أميرات" (ترجمة جميلة بنت مصطفى الزقاي ومنال رقيق) نتلمّس حكاية امرأة من المغرب العربي تختار الهجرة إلى الضفّة الأخرى في تمرّد وتحدّ لـ "الآخر"، الذي ليس في الحقيقة سوى ابن بلدها، الذي يرى فيها عميلةً وهادمة لقيم المجتمع وأعرافه.

بينما تتناول "الضرائر" (ترجمة جميلة بنت مصطفى الزقاي)، بأسلوب كوميدي، قصّة رجل يتزوّج ثانيةً لأن زوجته الأولى عقيمة، لكن الثانية تهديه سبع بنات، ما يدفعه إلى الزواج بثالثة أملاً في أن يُرزق بـ "وريث" ذكر. وهكذا، يجتمع في بيته عددٌ من الزوجات اللاتي يصوّرهن العمل كخادمات ليس عليهن سوى العمل والطاعة والامتثال لأوامر الحماة المتجبّرة.

بلغة جريئة، تتطرّق الكاتبة في نص "الحلقة الذكورية" (ترجمة أنوال طامر)، إلى موضوع "الختان"، من خلال قصّة امرأة تُحاكم لأنّها "لم تهد زوجها الأجنبي إلى الإسلام".

أمّا نص "ريم الغزالة" (ترجمة جازية فرقاني)، فهو ليس، فقط، إطلالةً على جوّ جنائزي ونقلاً لتفاصيل توديع امرأة وقورة، إذ نسمعُ صوت امرأة وهي ترافق أمّها إلى مثواها الأخير، قبل أن تعود إلى فرنسا متحرّرة من عبء ثقيل، بعد أن بكت أمّها ووطنها الذي "لم تُعد مدينة له بشيء".

في النصّ الخامس، "وتبدو أشجار الخرّوب من بعيد" (ترجمة حفيظة بلقاسمي)، تبتعد الكاتبة قليلاً عن "الأنا"، حيثُ لا تكون طرفاً في أحداثه، لكنها تختار أنثى أخرى تُدين، من خلالها، جملة من القضايا والممارسات التي تعيشها المرأة في المجتمع الجزائري.

صدرت الترجمة تحت عنوان "فاطمة غالير.. خمس مسرحيات". وهي المرّة الأولى التي تُقدّم فيها الكاتبة إلى القارئ العربي، بعد أن تُرجمت نصوصها، المكتوبة بالفرنسية، إلى لغات أجنبية كثيرة، وفازت بعدّة جوائز منها؛ "جائزة أرليتي" (1990) و"جائزة كاتب ياسين ومالك حداد" (1993) وجائزة "أميك" عن مجموع أعمالها المسرحية (الأكاديمية الفرنسية 1994).

من نفس القسم الثقافي