الثقافي

لبنان تحتفي بأميرة الطرب العربي في سهرة تاريخية استثنائية

لأنها وردة غير كل الورود

أحبّت لبنان مثلما أحبها، فهي التي نشأت في بيروت، وملأت أرجاءها بصوتها الجميل، نصف لبناني، ونصف جزائري، وصوت واحد لكل العالم. “لبنان يا جريح الله يحميك” بهذه الأغنية تضامنت مع وطن أمها في أيام الحرب، وهي التي تعاملت مع شعراء وملحنين لبنانيين منذ إنطلاقتها الفنية وتحديداً في خمسينيات القرن الماضي، فغنّت باللهجة اللبنانية أغنية “على شو يا حبيبي” التي كتبها الشاعر عبد الجليل وهبي ولحنها الفنان فيلمون وهبي، وغنت كلمات مصرية في أغنيتها “على مفرق درب الحبايب” من كلمات الشاعر الراحل توفيق بركات وألحان رياض السنباطي، وكانت آخر أعمالها، أغنية “إيام” التي أبصرت النور بعد رحيلها منذ حوالي السبع سنوات.

وأغنيات وأغنيات أدتها بإحساسها العالي، ولازال اللبنانيون يرددونها كل يوم “العيون السود”، “وحشتوني”، “لولا الملامة”، “أكذب عليك”، “طب وانا مالي”، “قلبي سعيد”، “بودعك”، خليك هنا”…هي “وردة الجزائرية”، وحكايتها مع الزمان تطول وتطول، صولات وجولات من النجاحات المنقطعة النظير، سجلتها وردة على مدى عقود محققة أرقاماً قياسية في مبيعات أسطواناتها، وفي عدد حضور حفلاتها.

ولأنها وردة غير كل الورود، أقامت “لجنة تكريم رواد الشرق”، بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية والسفارة التونسية في لبنان، إحتفالاً تكريمياً للفنانة وردة في “الجامعة الأمريكية في بيروت”، في قاعة الأسمبلي هول، التي تزين مدخلها بلوحات لوردة حملت توقيع الفنانين التشكيليين د. إكرام الأشقر، برنارد رنو، علي زين الدين، نبيل رضوان وهيام الحسيني، بحضور رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، مستشار الرئيس الحريري عمار حوري، ونقيب الفنانين المحترفين جهاد الأطرش، وعدد كبير من أهل الفن والإعلام والثقافة، إشارة إلى أن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بعث برسالة تقدير على إحياء هذا الحفل.

وبعد النشيد الوطني اللبناني، أطلت مقدمة الحفل “صباح متيرك”، وبعدها عرض لفيلم وثائقي عن سيرة الفنانة الراحلة وردة، وكانت كلمة “لجنة تكريم رواد الشرق”، وكلمة لرئيس اتحاد جمعيات العائلات البيروتية ورئيس جمعية آل يموت، “محمد يموت” الذي ألقى كلمة آل يموت (عائلة والدة وردة)، وكلمة لمدير عام وزارة الثقافة الدكتور “علي الصمد” الذي قال: “أنا سعيد جداً لأني موجود اليوم بينكم، وكلنا جئنا لنسمع وردة، ونحن في وزارة الثقافة نبارك ونقدر هذه المبادرة، بالتعاون مع السفارة التونسية ووزارة الثقافة، لتكريم وردة الجزائرية التي انطلقت من مصر، وجمهورها في الجزائر ولبنان، وهذا يدل على أن الوطن العربي هو وطن واحد، وعلى أن لبنان هو قلب الوطن العربي”.

وأحيا الحفل الفنانة اللبنانية “ليال غصن” التي غنت “شعوري ناحيتك” و”بتونس بيك”، عاشق الكمان “جهاد عقل” الذي عزف “حكايتي مع الزمان” و”في يوم وليلة”، والفنانة التونسية “محرزية الطويل” التي غنت “ليلي يا ليالي”، “أوقاتي بتحلو” و”حرّمت أحبك”، الأوركسترا بقيادة ضرغام غطاس.

رئيس اتحاد جمعيات العائلات البيروتية ورئيس جمعية آل يموت، محمد يموت الذي ألقى كلمة آل يموت (عائلة والدة وردة) قال: حفل اليوم هو حدث مهم جداً وكنا ننتظره منذ زمن، حضارة الشعوب والبلدان الراقية هي من خلال الفنون، والفن لا طائفة له وهو يجمع، ويعطي الفرح، وردة كانت مثالاً لهذا الكلام، وكانت تحب الناس كثيراً”.وأضاف: “أنا إلتقيت وردة مرتين حين كانت تأتي إلى بيروت، ولكن أهلي كانوا يلتقون بها أكثر مني لأنها من جيلهم، وردة كانت تعشق بيروت، وكانت تحب العائلة كثيراً، فحين كانت تزور بيروت كانت تشعر بأنها وجدت نفسها في لبنان الذي كانت تحبه بشكل كبير، وهذا جعلنا نتعلق بها أكثر، صحيح أنها وردة الجزائرية ووالدتها نفيسة يموت اللبنانية، ولكن وردة كانت مثالاً لكل الدولة العربية، وهي واجهت صعوبات كثيرة، خصوصاً في بدايتها الفنية لأنه حينها لم تكن تتقبل العائلات أن تكون لديها فنانة، ولكن وردة أثبتت نفسها”.

الفنانة محرزية الطويل قالت: “أنا سعيدة لأني عدت إلى بيروت بعد غياب منذ عام 2015، بعد مشاركتي في برنامج “ذا فويس”، والفنانة وردة تشكل حالة خاصة بالنسبة لي، وهي تستحق التكريم الدائم، فهي حبيبتنا من زمان، ونحن نشأنا على أغنياتها منذ أن كنا صغاراً، والأغنيات التي أغنيها في حفل اليوم أنا حفظتها منذ طفولتي”.وأضافت: “أنا تأثرت حين رحلت وردة لأنها رحلت على غفلة، وكنت أتمنى أن أراها وأكلمها، أنا متأثرة بها كفنانة وإنسانة، هي كانت كتلة من الأحاسيس وطبيعية جداً في تعاملها مع الناس”.

عازف الكمان جهاد عقل قال: “إلتقيت وردة مرة واحدة، وكان ذلك في حفل في لبنان، حينها كنتُ من بين الحضور وتعرفت عليها، وكانت حينها وردة طرحت أغنيتها “بتونس بيك”، وردة إنسانة رائعة، وبعدها حضرتني في حفل، وأعجبت كثيراً بعزفي، وهذا ما جعلني أحبها أكثر، فالفنان يحمل صفتين هما العطاء والمحبة”.وأضاف: “أنا سعيد جداً بمشاركتي في حفل اليوم، فكلما غنينا وردة أو عزفنا أغنياتها، تُرسم الإبتسامة مباشرة على الشفاه والقلب والروح، وأغنيتها “في يوم وليلة” تواكب يومياتنا، مهما استمعنا إليها لا نمل منها، ولا شك أن لدى وردة إرثاً كبيراً من الأغنيات منها “العيون السود”، “عايزة معجزة”،”بتونس بيك” و”حكايتي مع الزمان” التي أعزفها اليوم لأول مرة، والتي أثرت بي كثيراً، فعندما كنت أحضّر هذه الأغنية وجدت أنها تحمل معاني كثيرة جداً”.

الفنانة ليال غصن قالت:”أنا سعيدة جداً بمشاركتي بهذا الحفل، وهذه مسؤولية كبيرة لأني أمثل لبنان، أنا أغني دائماً أغنيات وردة في الحفلات التي أحييها، وأغنياتها هي السهل الممتنع، ويستطيع كل فنان أن يغنيها بطريقته الخاصة”.وأضافت: “أول أغنية غنيتها في حياتي لوردة كانت “أكذب عليك”، وأغني أحياناً أغنيتها الأخيرة “إيام”، كل أغنيات وردة جميلة، وحين أريد أن أغني لها أحتار ماذا أختار”.

من نفس القسم الثقافي