الثقافي

زوران جيفكوفيتش: ست مكتبات تبتلع قارئها

العمل من الأعمال الصربية المعاصرة القليلة المترجمة إلى العربية

ماذا يمكن أن نجد في مكتبة منزلية أو بين صفحات كتاب مهمل؟ سؤال ستكون إجابته مختلفة عند قراءة رواية "المكتبة" للروائي الصربي زوران جيفكوفيتش الصادرة عن دار "أثر" من ترجمة نوف الميموني، وهي من الأعمال الصربية المعاصرة القليلة المترجمة إلى العربية.

تندرج الرواية تحت تصنيف "روايات الموزاييك"، وتعني الروايةَ المكوّنة من وحدات سردية كل منها تحمل معنى مختلفاً. أما شكلها النهائي فيظهر من تشكيل إجمالي القطع الصغيرة بجوار بعضها البعض، وهي مكوّنة من ست قصص قصيرة بالغة التكثيف تدور دائماً في فضاء المكتبة أو بين رفوفها.

لا يتعامل جيفكوفيتش في روايته مع المكتبة على أنها مجرد رفوف تحمل الكتب أو مكان للقراءة فحسب. لكنه يخلق عالماً موازياً للعالم الذي نعيش فيه لكنه عالم سريالي أقرب لعوالم الأحلام، رغم التفاصيل المغرقة في الواقعية.

تتّضح شخصية البطل من خلال القصص لنعرف أنه كاتب يعيش وحيداً في شقة صغيرة تكفي احتياجاته الأساسية بالكاد، وهو شخص مهووس بالنظافة والترتيب وعدّ سلالم البناية التي يسكن فيها صعوداً وهبوطاً، حتى أن القارئ يظن أن البطل مصاب بوسواس قهري من نوع ما، أو ربما نشعر أنه يتأرجح على حافة الجنون الذي يعتبر مدخلاً مناسباً لتلك الحكايات الغرائبية.

تدور الحكايات بين المكتبة الافتراضية والمكتبة المنزلية والمكتبة الليلية ومكتبة الجحيم وأصغر مكتبة والمكتبة النفيسة، لنقارب من خلالها كثيراً من عوالم الكاتب بشكل عام، وتوتره المستمر بشأن الكتابة والقراءة، ومشاعره عندما يتوقف تدفّق الكتابة، وكيف يكمن الحل في كتاب صغير اشتراه البطل ليكتشف أنه في كل مرة يغلق الكتاب ويفتحه من جديد يجد بداخله رواية جديدة تماماً.

تصل الفانتازيا الغرائبية إلى أوجها في "مكتبة الجحيم"، حين ينتقل البطل إلى الجحيم ويقابل شخصاً مجهولاً يخبره أن معاقبته بالجحيم هي لعدم قراءته ما يكفي من الكتب في حياته. ويعاقب بجلسات طويلة من القراءة الأبدية.

في "المكتبة النفيسة" يجد البطل نفسه في مواجهة مع كتاب رديء كلّما حاول التخلّص منه، سواء عن طريق تمزيقه أو إلقائه في النهر، يعود ليجده من جديد متربّصاً به بين كتبه. 

في نهاية الأمر يستفزّه الكتاب ليضعه في طبق ويبدأ في أكله قطعة قطعة قائلاً "من يدري أية مصائب تختبئ لي بين صفحات كتاب عنوانه "المكتبة"". هنا، يصنع البطل رباطاً سيجمع كل قصص الكتاب بينما هو يبتلع صفحاته.

من نفس القسم الثقافي