الثقافي

"أسد البصرة": ثلاث شخصيات وأمل

تتمحور الرواية حول شخصية "أمل"، العراقي الذي عاصر ثلاث حروب؛ حرب الثمانينيات التي يصاب في إحدى معاركها

"أسد البصرة" رواية صدرت للكاتب العراقي ضياء جبيلي (1977)، عن منشورات "الجمل". الرواية هي الخامسة للكاتب، بعد "لعنة ماركيز" و"بوغيز العجيب" و"وجه فنسنت القبيح" و"تذكار الجنرال مود".

تتمحور الرواية حول شخصية "أمل"، العراقي الذي عاصر ثلاث حروب؛ حرب الثمانينيات التي يصاب في إحدى معاركها، ثم حربيْ الخليج الأولى والثانية. ويجد أمل نفسه في فترة التسعينيات العصيبة حيث الحصار الاقتصادي الخانق والعزلة الدولية التي كان يعاني منها العراق بين ممارسات وضغوط واستيهامات وإرغامات تفرضها السلطة والمجتمع.

ومن خلال ثلاث شخصيات نسائية هن العمة هيلا اليهودية والخالة الأرمنية ميساك وأمه بالتبني المسلمة حنان، يتناول الكاتب الهويات الدينية والعرقية في العراق. فبالنسبة إلى هيلا وميساك، فإن "ثمة عداء تاريخي بين المرأتين، لكنه عداء صامت على أية حال، ويمكن تداوله عائلياً مع الطعام والشراب، أو على الأقل اختصاره بمقولتين هما: "السبت يأتي بعده الأحد" و"لم يغلب دهاء اليهودي سوى الأرمني".

أما حنان والدة أمل، المسلمة من الطبقة الوسطى التي تعمل في التمثيل وتؤدي أدواراً ثانوية في مسرحيات شكسبير، لتأخذ على عاتقها تربيته بعد أن عُهد به اليها من قبل عمته وخالته بسبب عدم قدرتهما على الاعتناء به لظروف قاهرة تتعلق بالسياسة والتزمت الطائفي والقومي لأبناء جلدتهما وحساسيتهم تجاه الأغيار والخوف من السلطة آنذاك.

يقع أمل في حيرة بين ضغط العمة اليهودية هيلا، والخالة الأرمنية ميساك؛ فالأولى تريده أن يهاجر معها إلى "إسرائيل" استجابة إلى ضغوط "الوكالة اليهودية للهجرة" التي تتغلغل في العراق بعد حرب 2003 وسقوط النظام لانتشال ما تبقى من كبار السن من اليهود العراقيين في البصرة. أما الثانية فتريده أن يهاجر معها إلى أرمينيا بمساعدة إحدى مؤسسات الهجرة المسيحية التي تعمل سراً على إخراج المسيحيين الذين يشعرون أن حياتهم معرّضة للخطر في العراق بعد تلك الحرب وانتشار العنف ضد الأقليات.

يتجاهل أمل ضغوطات العمة والخالة والأم، ويقرر الذهاب إلى بغداد لملاقاة الروائي البيروفي الشهير ماريو بارغاس يوسا الذي كان يقوم بزيارة إلى العراق، لكي يروي له قصة حياته اعتقاداً منه أنها ستكون مادة جاهزة ومناسبة لكتابة رواية. ولذلك يتمرّن يومياً على ملاقاة الكاتب وكيف يمكن إقناعه بالحكاية.

تدخل الشخصية في مونولوغ نتخيل في الحوار مع يوسا: "سيكون مختلفاً تماماً في حال كتبت أنت هذه القصة. وسأكون مطمئناً بأن العالم سيقرؤها. فأنا يا سيد يوسا رجل بسيط ومتواضع، لا أرقى إلى ما وصلتم إليه من قوة البديهة والقدرة العالية على التعبير، وما زلت آمل أن تخرج قصتي إلى النور على أيدي أحد الصنّاع المهرة للروايات، حتى جئت أنت فتأملت خيراً، وهرعت إلى بغداد للقائك، حيث سمعت في الطريق أنك توجهت من أربيل إلى العاصمة لتكمل هناك كتابة يومياتك عن العراق".

من نفس القسم الثقافي