الثقافي
"أسئلة قلقة في الراهن العربي" لبشير ربوح دعوة لتوطين الحس النقدي
يضم تسعة عشر دربا تشكل عصارة تأملات عارفة بأسئلة الراهن الجزائري والعربي، خاصة فيما يتعلق بصدمته بالحداثة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 06 فيفري 2019
بلغة سلسة وضمن مقالات تشكل انطباعاتٍ حرة، تبتعد عن ثقل الكتابات الاكاديمية، وتقترب من عمق الراهن العربي وتحولاته يطالعنا الباحث الجزائري بشير ربوح بكتاب جديد عن منشورات الاختلاف يحمل عنوان "أسئلة قلقة في الراهن العربي".
ويضم الكتاب -الذي صدر بالاشتراك بين منشورات الاختلاف الجزائرية وضفاف اللبنانية-تسعة عشر دربا تشكل عصارة تأملات عارفة بأسئلة الراهن الجزائري والعربي، خاصة في ما يتعلق بصدمته بالحداثة.
ودون أن يثقله بالهوامش والإحالات -التي ترهق النص- يستهل الدكتور ربوح كتابه بمساءلة للمفكرين الجدد الذين ذهبوا ضحية الإعلام، مستشهدا بحالة ميشال اونفري، منبها إلى الدور المتعاظم لوسائل الإعلام " التي غدت مؤسسة أسطورية مهيمنة على الفضاء العام ولها المقدرة المطلقة في صناعة الواقع وتسييره وتوجيهه إلى مرامي تصنع في غرف السياسيين"، مؤكدا أن وسائل الإعلام تحول "الشعوب إلى مجرد حشود" وهو ما تنبه له اونفري.
كما يطرح ربوح في الدرب الرابع عشر- الذي عنونه النقد والأسئلة الحارقة" سؤال النهضة لكن فلسفيا، متسائلا: كيف نستطيع أن ننجز شيئا ما في الأفق القادم؟
وفي حديثه عن الواقع العربي يؤكد صاحب الأسئلة القلقة، أن " الوقت لم يعد مناسبا للحديث عن خطاب جنائزي نحتفل فيه بجلد الذات" مضيفا أن المنزع النقدي هو الدرب الوحيد، معترفا في الوقت ذاته " بأن توطين النقد في الثقافة العربية محاولة على درجة عالية من الخطورة والتعقيد، لأن البنية العميقة لهذه الثقافة لا تقبل على الاطلاق حضوره في مسطح تفكيرها".
وحول واقع النخب الجزائرية لا يخفي ربوح تشاؤمه الواضح قائلاّ إننا نقف على حقيقة مفزعة، منتشرة في الفضاء الجزائري، وهي أننا لا نملك في راهننا على الإطلاق نخبة تاريخية بالمعنى الذي يدور في خلدنا وخمنا فيه من زاوية حداثية" خلافا لما كان الأمر عليه إبان الحقبة الاستعمارية التي أوجدت" كتلتها الثقافية بالمعنى الحقيقي" بتعبيره.
كما يعود صاحب الأسئلة القلقة إلى الظاهرة الترامبية وسؤال الأمة الأمريكية في الدرب الثالث عشر ، مستعينا في التعاطي مع فوز ترامب- كظاهرة- بالفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر لفهم الغرب التاريخي.
ويكاد كتاب ربوح الذي جاء في 110 صفحات ، يشكل ملخصا مختصرا وإضاءة واضحة ومساءلة مقلقة لأغلب المشاريع الفكرية الراهنة وخلفياتها الفلسفية شرقا وغربا.
مريم. ع