الثقافي

"قرن من المجازر".. على مقاس الضمير الأوروبي

يجعل المؤرّخ الفرنسي من الحرب العالمية الثانية بؤرة للرعب والعنف للأزمنة الحديثة

"القرن العشرون سنذكره كزمن للرعب"؛ هكذا يقدّم المؤرّخ الفرنسي برنار برونوتو (1952) آخر إصداراته "قرن من المجازر.. من هيريروس إلى دارفور"، الذي صدر الأسبوع الماضي ضمن موجة "الدخول الأدبي" في فرنسا عن منشورات "أرمان كولان".

يبدأ برونوتو رصده للمجازر التي ارتُكبت في حق البشرية بمختلف أعراقها، من 1904، ويصل بنا إلى سنة 2004. اختيار تاريخ البداية في 1904 يُسقط عن مشروعه النظر في مرحلة المد الاستعماري بموجاته التي امتدّت إلى قرون وقدّمت من المجازر أضعاف ما أتى به القرن الماضي.

ومن موقعه (الأوروبي)، يجعل المؤرّخ الفرنسي من الحرب العالمية الثانية بؤرة للرعب والعنف للأزمنة الحديثة، وهو هنا يربط بعناية بين عناصر مجازرها من الصعود النازي إلى خيارات الدولة الستالينية، وصولاً إلى مجازر البلقان في بداية تسعينيات القرن العشرين.

لن نعثر على مثل هذا الربط في ما يتعلّق بالمجازر التي حصلت في "أطراف" العالم، فتلك الفصول الدموية التي عاشتها منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا يقدّمها المؤلّف معزولة، وتنحصر تفسيراتها في عوامل عرقية داخلية، وكذلك المجازر في كمبوديا، وصولاً إلى مجازر دارفور التي تُفسّر بنتائج السياسات التنموية.

يحتوي العمل على بُعدٍ تأمّليٍّ؛ حيث يطرح برونوتو أسئلة حارقة من قبيل "كيف يجري إنتاج نوايا ارتكاب مجزرة؟"، و"ماهي العوامل التي تشرّع لها وتحمي مرتكبيها في ما بعد تنفيذها؟"، و"هل التطهير العرقي حل؟".

كل هذه الأسئلة تطرحها البشرية منذ أكثر من قرنين على الأقل، ولعل القرن الذي يتحدّث عنه المؤرّخ الفرنسي هو أكثر الفترات التي طُرحت فيها. ورغم ذلك، ظلت المجازر تُرتكب، ولا تزال.

من نفس القسم الثقافي