الثقافي
"مرافعة" فهمي جدعان: حِيَل خلاصيّة
تجمع بين المقاربة العقلية المعرفية الواقعية النقدية، وبين مطالب "العقل الوجداني"، الإنساني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 01 فيفري 2019
يقدّم المفكّر الأردني الفلسطيني فهمي جدعان في كتابه الجديد "مرافعة للمستقبلات العربية الممكنة"، الصادر عن "الشبكة العربية للأبحاث" في بيروت، ما أسماها "مطارحات" تجمع بين المقاربة العقلية المعرفية الواقعية النقدية، وبين مطالب "العقل الوجداني"، الإنساني، الذي هو وحده الكفء لأن ينقلنا من تقريرات العقل وأحكامه إلى تحقّقات العقل وتجسداته.
ظلّ جدعان، كما يوضح في مقدّمة هذه الأطروحة، حريصاً على أن يبقى ضمن حدود وظيفة (المفكّر) الحر الأساسية، المشروعة، الضرورية، وهي الوظيفة المعرفية التنويرية، الكاشفة عن الحقيقة، المنزّهة عن المنفعة، المتحرّرة من البواعث النرجسية ومن (الفانتازيا السادية) العاشقة للقتل والذبح والتدمير، الخائنة للأبعاد الإنسانية والأخلاقية، المقلّبة لـ (شبحة) خرزاتها من الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعقلانية... الكاذبة".
يضيف أنه جمع بين ثمرة أفكاره السابقة وبين اجتهاده ورؤيته الحالية لواقعنا المتغير، المأزوم، الممتد خلال أكثر من خمسة عقود، وينبّه إلى أن الخطر والمصير الكارثي الذي يتربص بوجودنا، ليس مجرد أعراض أو مطلق إرهاصات لوقائع متوقعة، أو علل يمكن التبرؤ منها بتدخلات سياسية أو قانونية استثنائية، وأنه كارثي ويستحق "مرافعة" فكرية صارمة تطال الوجوه المركزية الحاكمة للمستقبل.ويبيّن جدعان أن المقاربات في العقود الأخيرة من القرن المنصرم، اتسمت بطابع "الإشكال"، و"السؤال" اللذين يطلبان النظر والإنارة والاقتراح، ويدور القول في حدودهما على قضايا مثيرة للتوجّس والتحذير من القابل الآتي.
يتضمّن الكتاب قسمين؛ الأول بعنوان "مطارحات زمن السحاب"، ويتضمن خمسة فصول يتناول الفصل الأول: هواجس التفسير والجدوى، بينما يتناول الثاني "نقد الفعل"، ويتحدث الفصل الثالث عن: "المؤتلف والمختلف"، ويتحدّث الفصل الرابع عن "الإسلام في العاصفة"، فيما حمل الفصل الخامس عنوان "التواصل".
القسم الثاني أتى بعنوان "الإعصار ونداءات المصير"، ويحتوي على ستة فصول؛ الأول "الإسلام بعيون داكنة"، والفصل الثاني يتحدّث عن "الانحلال"، وفي الفصل الثالث يوجه "نداءات المصير"، وفي الفصل الرابع يتطرق إلى "أولية القيم"، ليتبعه في الفصل الذي يليه بـ "أسئلة الحرية"، ويخلص في الفصل السادس إلى "آمر الوجود بين الحمق وبين الحكمة".
يرى المؤلف أن التطوّر العميق الذي يقترن بالقرن الجديد تتجذّر فيه جملة من الأحوال التي تتجاوز المألوف من المواقف وخرقاً "شيطانياً" للا "إنساني" واللا "أخلاقي"، حيث ينتشر "البهيمي"، ويتفكّك المؤتلف، ويستأصل المختلف، وتتحطّم الآمال، لافتاً إلى أن دور المفكّر هو أن يشير إلى مكمن الإصابات، وإلى أن يبلور حِيلاً خلاصية تطال الفضاءات المركزية.