الثقافي

"طشّاري" بالفرنسية: المسيح مغادراً العراق

ترصد قصص عراقييين مع بروز الأقليات والمتطرفين

تتناول "طشاري" قصة طبيبة عراقية من الموصل تدعى وردية، أمضت عمرها تعالج الحوامل وتتلقى المواليد وتعتني بأبناء المعدمين. لكنها تضطر إلى مغادرة منزلها والهجرة إلى بلد غريب، وهي في سن الثمانين، بعد أن تدهورت أحوال العراق وتعرضت الأقليات فيه لتهديد عصابات المتطرفين.

وبالتوازي مع حكاية وردية، تسرد كجه جي حكاية حفيدتها الطبيبة هند التي تعيش حياة شبيهة بحياة جدتها وهي تعالج مدمني الخمور والمهمّشين والسكّان الأصليين في منطقة صقيعية نائية في كندا. وتبدو الرواية في شقّها العراقي ـ ويا للمفارقة! ـ وكأنها تحاكي ما يحدث على الأرض، في الموصل حالياً، حيث اضطرت آلاف العائلات المسيحية إلى الهرب من المدينة بعد تهديدات تنظيم "داعش" التكفيري الذي فجر كنائسها وصادر ممتلكاتها. (انظر مقطعاً من الرواية أسفل المقال).

يتأرجح السرد في الرواية ويتشعّب ما بين الماضي والحاضر عبر تقنية الـ"فلاش باك" والتقطيع السينمائي. وتبدأ الأحداث بمشهد وصول وردية إلى قصر الإليزيه في باريس لحضور حفل يقيمه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي على شرف البابا السابق بنديكتوس السادس عشر، وتحضره مجموعة من اللاجئين العراقيين المسيحيين. مشهدٌ يتراجع بسرعة مفسحاً المجال لوردية لاسترجاع سيرة الماضي واستحضار خيط الذكريات في العراق، قبل أن تعود إلى الحاضر في باريس وكندا.

تقيم كجه جي في باريس، منذ عقود، وتعمل في الصحافة. وسبق لها أن أصدرت كتباً تُرجمت إلى عدة لغات، منها روايتي "سواقي القلوب" الصادرة عام 2005 عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، و"الحفيدة الأميركية" الصادرة عن دار "الجديد" والتي بلغت القائمة القصيرة لـ "البوكر" العربية، عام 2009، وترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والصينية.

تبتسم كجه جي حين نسألها عن صفة "العالمية" التي قد تراود الكُتّاب حين تُفتح لهم أبواب الترجمة، فهي ترى أن من الوهم أن يتصور الكاتب أنه "بلغ العالمية" لمجرد أنّ كتبه تُترجم ويباع منها بضع مئات من النسخ، أو حتى بضعة آلاف. وتضيف أنها تضع دوماً نصب عينيها القارئ العربي لأنه هو من يعنيها بالتحديد وله تكتب بالأساس.

الترجمة المرتقبة لـ"طشّاري" إلى الفرنسية تعكس اهتمام دار "غاليمار" المتزايد بترجمة جديد الأدب العربي. وسبق للدار أن نشرت في السنوات الأخيرة لعدة كتّاب لبنانيين مثل علوية الصبح وربيع جابر، وللمصري بهاء طاهر، والسعودي أحمد أبو دهمان. إلا أن هذه الشجرة مهما أينعت لا حيلة لها في إخفاء غابة القصور في عملية تقديم الأدب العربي إلى القارئ الفرنسي لأسباب عديدة لا مجال هنا لتفصيلها. 

يذكر أن "طشّاري" كانت قد اختيرت في القائمة القصيرة لـ"الجائزة العالمية للرواية العربية- البوكر" هذا العام. في حين وصلت رواية كجه جي "الحفيدة العراقية" إلى القائمة القصيرة لنفس الجائزة قبل ثلاثة أعوام. 

 

من نفس القسم الثقافي