الثقافي

منى الشيمي.. سيرة الجنوبيّة

تعالج قضية المرأة من خلال سيرتها الذاتية فيما يُعرف بـ"أدب الاعتراف"

في روايتها الجديدة، "بحجم حبّة عنب" ("دار الحضارة")، التي حصلت منذ أيام على "جائزة ساويرس الثقافية" في القاهرة، كما وصلت إلى القائمة الطويلة لـ"الجائزة العالمية للرواية العربية ـ البوكر"، تعالج الكاتبة المصرية منى الشيمي قضية المرأة من خلال سيرتها الذاتية في ما يُعرف بـ"أدب الاعتراف".

الرواية عبارة عن قطعة سردية واحدة تعرض صاحبة المجموعة القصصية "من خرم إبرة" من خلالها سيرتها الذاتية وترويها لابنها زياد الذي رحل إثر مرضه بورم سرطاني بحجم حبة عنب، كما يظهر ذلك في الإهداء: "زياد.. سأخبرك عن الحياة التي كان من حقك أن تعيشها".

وعلى طريقة الروائية التشيلية إيزابيل الليندي في روايتها "باولا"، عندما استحضرت شريط حياتها لابنتها التي تحتضر، تروي الشيمي تفاصيل حياتها لابنها، لتبدأ من عائلتها التي تعيش في صعيد مصر وفق تقاليد محددة، مروراً بمراحلها العمرية وتجاربها المختلفة. لكن هاجس الرقابة يؤرق الكاتبة المصرية، أكثر من الكاتبة التشيلية، كما يبدو. تقول: "القارئ العربي يغفر ما تقترفه الليندي على الورق، ولا يفعل المثل مع كاتبة عربية، مهما حدث".

تروي الشيمي هواجس "البنت الجنوبية" التي كان انتقالها إلى العاصمة لإكمال دراستها في كلية الآثار في جامعة القاهرة بمثابة صدمة لها. تحكي عن إقامتها في المدينة الجامعية مع "بنات بحري" واصطدامها بتقاليد مختلفة، وحبّها الأول للمعيد الذي تركها وسافر لإكمال دراسته في ألمانيا، وقصة زواجها التقليدي من رجل يكبرها بعشرين عاماً، ولجوئها إلى فكرة كتابة القصص هروباً من رتابة الحياة، محاولة المزج بين معاناة ابنها أثناء علاجه ومعاناتها الشخصية، في علاقتها بالرجل/ المدينة/ الإنترنت/ الوسط الثقافي.

حاولت الشيمي في روايتها أن تجعل من سيرتها الذاتية مدخلاً إلى العديد من القضايا التي عاشتها مصر عبر أربعة عقود، من خلال بعض التغيّرات التي طرأت على عائلتها. كما جعلت من أحداث "ثورة يناير" هامشاً لمعاناتها الشخصية، فوضعت حياتها الخاصة في كفّة والحياة العامة في كفة. ففي لحظة من تاريخها الشخصي تعصف بهاتين الحياتين أحداث كبرى، مثلما نلمحها وهي في طريقها إلى المشفى لمرافقة ابنها المحتضر، بينما الميدان يشتعل بالثورة.

في مثل هذه اللحظات تقول: "هذه هي القاهرة التي وددتَ رؤيتها كثيراً. يليق بك تفقّدها من النافذة. استيقظ يا زياد. لا تأخذني رسومات الغرافيتي أو العبارات المكتوبة على الجدران واللافتات: يسقط النائب العام/ لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين/ الإسراع في محاكمة رموز النظام السابق. لا يهمني سواك الآن يا زياد. سنمر بعد قليل على ميدان التحرير، كنت أتمنى منذ أسبوع أن أكون فيه. لن أنظر إليه، لن يلفت انتباهي انتصاب الخيام الصغيرة للمعتصمين. لم يعد ما يحدث في بؤرة اهتمامي، صار هامشاً للأحداث".

 

من نفس القسم الثقافي