الثقافي

باولو كويلو.. سذاجة النهايات السعيدة

مشاهد جنسية مبتذلة مبنية على مفهوم الخطيئة

في روايته "الزانية"، التي صدرت عن "شركة المطبوعات" بترجمة رنا الصيفي، يغوص الكاتب البرازيلي باولو كويلو، منذ البداية، داخل الأزمة التي تتخبط فيها بطلته السويسرية ليندا. فرغم أنها امرأة شابة وجميلة وفّرت لها الحياة كل ما تحتاجه لتكون سعيدة: زوجاً فاحش الثراء يحبها ويسعى إلى تحقيق أحلامها، وطفلين هانئين، وعملاً في جريدة مرموقة؛ إلا أنها تشعر بالضجر.

وسبب ضجر ليندا يعود إلى مرور عشر سنوات على زواجها وخلو حياتها من المغامرات والتشويق. ما سيدفعها إلى البحث عن المغامرة مع جاكوب، السياسي الناجح وعشيقها أيام الدراسة الثانوية، الذي تلتقيه خلال تغطيتها انتخابات الاتحاد السويسري. لكن ما إن تعيد إحياء قصة حبهما حتى تقع في الخطيئة وتصبح في حيرة من أمرها بين السعادة والمغامرة بجانب جاكوب، وبين عائلتها ومسؤوليتها تجاه زوجها الطيب وطفليهما.لكن القارئ، الذي له تجربة سابقة مع روايات كويلو، لن يتألم كثيراً مع ليندا، لأنه يعرف جيداً أن الكاتب سيتدخل في الوقت المناسب لإعادة الأمور إلى نصابها، وليندا إلى مسارها بجانب زوجها وطفليها. وهو ما دأب كويلو عليه في جميع رواياته.

كما أن القارئ لن يقلق كثيراً بخصوص محاولة ليندا إيذاء زوجة عشيقها، بدافع الغيرة والانتقام، عن طريق التفكير في وضع كمية من المخدرات في مكتبها، كافية لتوريطها وإدخالها السجن. فكويلو أطيب من أن يزج بشخصياته ناحية العنف المطلق، إذ تقوم أيديولوجيته في الكتابة على الدفع بهذه الشخصيات نحو صراع مؤقت ينتهي، كالعادة، بالدعوة إلى التصالح مع الحياة.وبالتالي، ستقترف "الزانية" الخطيئة وتغرق فيها، قبل أن تعود إلى النقطة الأولى التي انطلقت منها، أي عائلتها، وتكون عودتها مشحونة بالعواطف والسعادة، بعيداً عن الضجر الذي انطلقت منه. وسيتغاضى زوجها عن خطيئتها حفاظاً على حبّه وعائلته.

ولا يقتصر ضعف رواية كويلو على ذلك، بل يشمل إنتاجه لمشاهد الجنس التي جاءت مبنية على مفهوم الخطيئة ومبتذلة وغير مندمجة مع طرح الرواية؛ مشاهد تمنحنا الانطباع، لدى قراءة وصفها، بأنها مستعارة من أفلام البورنو. وهو ما يخالف تناوُله اللائق للجنس في رواية "إحدى عشرة دقيقة".لكن عموماً، تشكّل الرواية استمراراً لنهج الكاتب الذي يسعى إلى لعب دور المنقذ الذي استطاع أن يغيّر حياة الكثيرين. ومع أن أسلوب الرواية لا يفتقر إلى التشويق والسلاسة، إلا أن المتابع لنتاجه يلمح إصراراً من قبله على النزول بأعماله إلى مستوى تجاري إلى حد ما، يناسب جميع الأعمار والفئات.

 

من نفس القسم الثقافي