الثقافي

"رحلة لوغوز": شرق الطوائف والإرساليات

يذكر المترجم أن بعض المعلومات الجغرافية

ضمن تتبّعه الحثيث لما دوّنه الرحّالة عن البلاد العربيّة، وقع المترجم خالد عبد اللطيف حسين على مخطوط نادرٍ موجودٍ في "أكاديمية ناسيونالي دي لينجي" في روما للفرنسي فرانسوا دو لابولي لوغوز، الذي زار الخليج العربيّ والعراق في طريقه من الهند إلى الأناضول سنة 1649، ليقوم بترجمة أجزاء منه تحت عنوان "رحلة لابولي لوغوز من الهند إلى الأناضول عبر العراق" (المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر).

يمرّ الرحّالة على ما شاهده في شاطئ مسقط من سياسة البرتغاليين في سيطرتهم على المدينة في القرن السابع عشر، من أحداث السطو وحال الإرساليّات الكنسية، مفرداً ستة فصول عن طائفة الصابئة المندائيين في البصرة وضواحيها التي وصلها بحراً، ذاكراً، إضافة إلى كتبهم "كنزا ربا" و"ديوان"، توزيع أهل المدينة الطائفيّ.يشير إلى أن معظم أهلها في تلك الفترة لم يكونوا من المسلمين، بل من الصابئة المندائيين، معرّجاً على التوزيع العرقي في المدينة التي ضمّت الهنود والفرس والأرمن المشتغلين بالتجارة. أما سياسة الحكم وأفراد الجيش، فقد كانت تقتصر على المسلمين وحدهم.

تتحدّث الأجزاء اللاحقة التي أضاف إليها المترجم التعليقات الضرورية، وثبّت أسماء الأيام والتواريخ بدقة بسبب أنها غير واضحة، عن فترة مهمة في تاريخ البصرة السياسيّ، وبالتحديد عن الطريقة التي نجح بها واليها علي باشا بن إفراسياب في التخلّص من الخطرين الفارسي والعثمانيّ، إضافة إلى تطرقه إلى محاولة العثمانيّ مراد الرابع بعد سيطرته على بغداد من يد الدولة الصفوية سنة 1638 لانتزاعها من أسرة إفراسياب خشية وقوعها بيد الفرس، وإجبارها على إعلان الولاء للدولة العثمانيّة.

يترك الرحّالة البصرة متوجهاً إلى بغداد، وفي الطريق تدور محاورةٌ بينه وبين درويشٍ يتحدّر من أسلاف مغول هولاكو الذين غزوا العراق وأنهوا وجود الدولة العباسيّة، كاشفاً عن هذه الفئة التي اختارت دخول الإسلام وتخيّروا الدروشة طريقة؛ حيث يخصّص فصلاً كاملاً لهذه المحاورة.وفي نهاية رحلته إلى بغداد، يقدّم وصفاً لديانة النساطرة ثم اليعاقبة، مع إشارة المترجم إلى أن بعض المعلومات في وصف الجغرافيا عند الرحالة لوغوز مضطربة وأحياناً غير صحيحة.

في بغداد، يصف الرحّالة التوتر بين مسيحيّي بغداد النساطرة، والكبوشيين الرهبان الذين يتبعون طريقة فرنسيس الأسيزي الإيطاليّ، عارضاً عاداتهم في الشرق، إلى جانب وصفه معالم الطريق أيامها، من الحمّامات والبحيرات الكبريتية وتجمعات القار قرب نهر دجلة التي لم يعد لها وجود الآن.

وصل الرحالة إلى نينوى قادماً من الموصل التي يذكر أن عدد المسيحيين اليعاقبة فيها أغلبية نسبةً إلى المسيحيين النساطرة، معدّداً المهن الدارجة عندهم، من دباغة الجلود، وصبغ الأنسجة، لتنتهي هذه الأجزاء بذكر ما أطلق عليه "بلاد الأكراد"، واصفاً شعبها بأنه مسلمٌ خاضع إما للسلطان أو الشاه، تبعاً للظروف، بعدها تستمر الرحلة عبوراً بديار بكر التي ذكر أنها ضمّت الإرساليّة الفرنسيّة التي يموّلها مجمع التبشير في روما.

 

من نفس القسم الثقافي