الثقافي
باسم فرات.. في مسالك الحلم البوليفاري
يركّز على رموز أميركا اللاتينية وعجائب طبيعتها
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 ديسمبر 2018
"الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى"، كتابٌ جديد للشاعر العراقي باسم فرات، صدر مؤخّراً عن "دار الحضارة للنشر"، مشتملاً على 21 فصلاً قصيراً، ينقلنا من خلالها المؤلف بين كولومبيا والبيرو ومناطق مختلفة من الأكوادور، كاشفاً ما عاشه فيها من لحظات دهشة وتوتّر ومغامرة، متتبّعاً التاريخ الثقافي والبيئي والاجتماعي والسياسي لتلك المناطق.
يقارن فرات بين ما عاشه في رحلات هذا الكتاب، وما اختبره في مغامرات أخرى في بلده الأم العراق، أو في نيوزيلندا؛ حيث يقيم حالياً، أو في بلدان أخرى عمل بها لسنوات؛ كاليابان ولاوس والسودان.يلفت المؤلِّف انتباه قارئه بعناوين مثيرة، مثل: "متاهة الأمازون" و"الأميرة كويلاغو تفتح أهرامات كوتشاسقي" و"خوان خليمان وداعاً" و"طوفان نوح يصل إلى البيرو متأخّراً" و"عيد ميلادي عند فوهة بركان".
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يجيب فرات عن سؤال حول تقاطع حياته الشعرية بحياته كرحالة: "أحلم دائماً أن أعيش للشعر، وأن أتنقّل بين البلدان والشعوب والمجتمعات والثقافات. الرحلات والمغامرات لم تأخذني من الشعر، بل قد لا أبالغ إن قلت إنها عمّدتني في ملكوته أكثر. فبفضلها، كتبت ديوان "بلوغ النهر"، وفي حوزتي قصائد لرحلات ومغامرات أخرى في أميركا الجنوبية".
في رحلاته داخل "الحلم البوليفاري"، يوجّه فرات قارئه نحو دهشة مرتبطة بالتنوّع البيئي الذي يصفه. يمرّ بذلك القارئ من مدينة يحاصرها التاريخ والبكاء ورمال الصحراء، إلى جزيرة أقرب يابسة لها تبعد 2000 كلم، ثم يأتي به إلى مناطق ترتفع 2850 متراً فوق مستوى سطح البحر، متحدّثاً عن غابات تحتوي على 43 نوعاً من النمل، أو عن جزيرة تسكنها الطيور البحرية.هذا العرض البيئي، يسنده فرات بخلفيات تاريخية. ففي أكثر من موضع في الكتاب، تطرّق إلى سيرة الزعيم سيمون بوليفار ورمزيته، مقارناً إياه بـ غيفارا أو زاباتا اللذين صارا أكثر شهرة منه في القرن العشرين.
يذكر لنا شيئاً من حاضر زعماء أميركا اللاتينية، مثل قوله: "أتذكّر حين فاز الرئيس الإكوادوري كوريا للمرة الثانية، أنني حضرت الاحتفال. كان بلا مدرّعات ودبّابات وحراسات، وهذه نتيجة طبيعية لفوز حقيقي وجماهيري. ختم الرئيس خطابه الجماهيري يومها بأن ردّد ثلاث مرات "تحيا أميركا اللاتينية" وردّدتها الجماهير الغفيرة بحماس".يحيلنا الكاتب العراقي، أيضاً، إلى تقاطعات الأماكن التي يتحرّك فيها وحضارات موطنه؛ حيث يشير إلى "تواشجات إنسانية مشتركة في كل مجالات الحياة".
من خلال رحلاته، يعتبر فرات أنه شاهدٌ على ما يفعله المستعمرون في عملية امتصاص خيرات الشعوب، يقول: "تتواصل محاولات تدمير البيئة في الإكوادور على سبيل المثال. الشركات الأميركية مثل الغول الذي يحاول أن يلتهم أميركا الجنوبية. وهو ما سجّلته أيضاً حين ذكرت سابقاً ما يجري في لاوس على يد الصينيين".لماذا يخلو الكتاب من رصد أجواء الطبقات الاجتماعية المهمّشة، وعوالم الدعارة والحانات والمخدرات والسيرك وموانئ التهريب وغيرها من العوالم التي تعج بها أميركا اللاتينية؟