الثقافي

ألبيرتو دي بيرا: طبيب فاشي بين شعب ملثّم

يقصد بالأفاعي المجاهدين الليبيين

مع ترجمة القاص الليبي جمعة بوكليب، يظهر كتاب ألبيرتو دينتي دي بيرا "ترياق للثعابين"، مرة أخرى في العربية، بعد ترجمة أولى أنجزها عبد الكريم أبوشويرب، غير أنها كانت وجيزة، وظهرت تحت عنوان "قصص من ليبيا".

اشتغل المؤلّف في بلاده طبيباً ضمن وزارة المستعمرات. وفي ليبيا التي وصلها سنة 1924، افتتح أول مستوصف له بمنطقة بويرات الحسون غرب مدينة سرت، ولعل هذه الفترة هي أهم فترات حياته، فقد أفضت به إلى أن يصبح "حاكماً عاماً" على ليبيا بداية من 1941، وبقي في هذا الموقع إلى حين دخول القوات البريطانية طرابلس في 1943. وقتها، قام بتسليم مفتاح المدينة للمارشال مونتغمري.

من خلال موقعه كطبيب، يمكننا فهم عنوان الكتاب، إذ يقصد دي بيرا بالأفاعي المجاهدين الليبيين، الذين صادف أن احتاجوا للعلاج في مستوصفه. يظهر من خلال كلمات المؤلف نبرة تراجيدية، وهو الذي يعترف بفاشيّته؛ فيبدو كتابه مرثية لـ"المجد" الاستعماري الإيطالي.يتوزّع العمل بين سبعة فصول، هي: "طبيب بين الجن" و"ترياق للثعابين" و"بلاد البربر" و"الشعب الملثم" و"الوحيد" و"تاجر الظلال" و"الإمبراطورة" وأخيراً "الطريق إلى طرابلس".

يقول المترجم عن أسباب ترجمته للعمل: "لفتتني لغة الكاتب الجميلة، وعينه القادرة على الغوص والرصد والتحليل". يضيف بوكليب "تعود أهمّية الكتاب إلى توثيق فترة تاريخية مهمة في تاريخنا الجهادي والاجتماعي، حيث يتناول بكثير من التفصيل طبيعة العلاقة المتوتّرة بين المستعمِر والمستعمَر.كما يسلط الضوء على الحياة في طرابلس ومصراتة، وعلى حياة بعض القبائل الليبية، وقد أتاحت ممارسة مهنة الطب لـ دي بيرا أن يتغلغل في أماكن الدعارة العامة التي كانت منتشرة في المدن، والأمراض التناسلية التي كانت متفشّية بين الليبيين".

في الإنجليزية التي ترجم بوكليب النص عنها، صدرت طبعات عدة لـ "ترياق للثعابين"، أولها كان في عام 1955، وقد حظي باحتفاء كبير، حتى أن الكاتبة دوريس ليسنغ كتبت عنه عرضاً واعتبرته من أفضل الكتب التي قرأتها.

جدير بالذكر أن بوكليب كان قد سبق له أن ترجم كتاب "ما بعد الاستعمار والقومية في المغرب العربي" لـ علي عبد اللطيف أحميده، الذي صدر هو الآخر في هذا العام. كما صدرت له من قبل أعمال إبداعية مثل "حكايات من البر الإنجليزي" ومجموعة قصصية بعنوان "خطوط صغيرة في دفتر الغياب" .يقول "لست مترجماً محترفاً، لكني من وقت إلى آخر، حين أقرأ كتاباً أو دراسة أو مقالة وأعجب بها، فإنني أحاول ترجمتها وإفادة قرّاء العربية بها".

 

من نفس القسم الثقافي