الثقافي
فاروق وادي.. ديك لبيروت يؤذّن في الظهيرة
في تقديمه للكتاب الصادر عن منشورات "ضفاف" بالتعاون مع مكتبة "كل شيء"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 نوفمبر 2018
لعل "منازل القلب: كتاب رام الله" أكثر إصدارات الكاتب الفلسطيني فاروق وادي تداولاً بين القرّاء في السنوات الأخيرة. وها هو كتاب جديد بعنوان "ديك بيروت يؤذِّن في الظهيرة ـ كتاب الحرب"، يضاف إلى إصدارات الكاتب المولود في رام الله عام 1949.في تقديمه للكتاب، الصادر عن منشورات "ضفاف" بالتعاون مع مكتبة "كل شيء"، كتب الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله كلمة جاء فيها:"تتضافر حكايات "ديك بيروت" في افتراقها، مُشكلِّة رواية من نوع مختلف لبيروت وبشرها في أزمنة الحرب؛ عبر بناء فني متماسك، رغم قسوة حالات تفتت الشخوص واستحالة لقائهم. هنا لا تلتقي شخصيات الحكايات، كما لا يلتقي الناس في الحرب إلا بصورة خاطفة، لكنها شخصيات المكان بكل ما يحمله من تشابك وتناقض، كما لو أن الكتابة، هنا، هي الصورة الأبلغ للمدينة وحروبها، والاستجابة المخلِصة لعالم مصاب بالحب وبشهوة الحياة وممزق بهما".
ومن أجواء الكتاب نقرأ: "الحقيقة التي لم تعد قابلة للإنكار، هي أن جميلة قد جُنّت. وفي كلّ يوم كانت المرأة تغوص أكثر فأكثر في عالمٍ لا عقل له.يراها الناس وهي تضحك أو تبكي دون سبب يدعو للضحك أو البكاء، لكنها ظلّت تبتسم للنسمة العابرة الآتية من البحر. ولم تتخلّ يوماً عن عادتها بالمشي على الكورنيش بعطرها المهيّأ ومساحيقها وأحمر شفاهها الزّاعق الخارج عن حدود الشفتين، رغم القصف العنيف المتبادل بين الشرق والغرب.
تعوّد الناس على جنون جميلة.. بدت لهم أنها جزء من جنون الحرب التي عرفتها بيروت وتعودوا عليها حتّى الإدمان. غير أن أهل المدينة استيقظوا ذات صباح هدأت فيه أصوات المدافع، بعد يومين وليلتين من القصف المتبادل المتواصل، فلم يجدوا جميلة. وقد احتاجوا لأيّامٍ أخر ليكتشفوا أن جميلة قد اختفت عن الأنظار تماماً ولم يعد لها وجود.تساءل الناس الذين افتقدوا مشهد المرأة التي تمشي على الكورنيش مع أصباغها الزّاعقة: أين راحت جميلة؟! أين ذهبت؟! أين اختفت؟!".